responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 15  صفحه : 180
رُؤْيا، وَفِي الْيَقَظَة رأى رُؤْيَة، قيل: إِن الرُّؤْيَا أَيْضا تكون فِي الْيَقَظَة، وَعَلِيهِ تَفْسِير الْجُمْهُور فِي قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إلاَّ فتْنَة للنَّاس} (الْإِسْرَاء: 06) . إِن الرُّؤْيَا هَهُنَا فِي الْيَقَظَة، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الرُّؤْيَا بِمَعْنى: الرُّؤْيَة إلاَّ أَنَّهَا مُخْتَصَّة بِمَا كَانَ مِنْهَا فِي الْمَنَام دون الْيَقَظَة، فَلَا جرم، فرق بَينهمَا بِحرف التَّأْنِيث. وَقَالَ الواحدي: الرُّؤْيَا مصدر كالبُشرى، إلاَّ أَنه لما صَار اسْما لهَذَا المتخيل فِي الْمَنَام جرى مجْرى الْأَسْمَاء، وَقيل: يجوز ترك همزها تَخْفِيفًا. وَقَوله: الصَّالِحَة، إِمَّا صفة مُوضحَة للرؤيا، لِأَن غير الصَّالِحَة تسمى: بالحلم، أَو مخصصة، وَالصَّلَاح إِمَّا بِاعْتِبَار صورتهَا، وَإِمَّا بِاعْتِبَار تعبيرها، وَيُقَال لَهَا: الرُّؤْيَا الصادقة والرؤيا الْحَسَنَة. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: معنى الصَّالِحَة الْحَسَنَة: وَيحْتَمل أَن تجْرِي على ظَاهرهَا، وَأَن تجْرِي على الصادقة، وَالْمرَاد بهَا صِحَّتهَا وَتَفْسِير رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُبَشِّرَات على الأول ظَاهر، لِأَن الْبشَارَة كل خبر صدق يتَغَيَّر بِهِ بشرة الْوَجْه، واستعمالها فِي الْخَيْر أَكثر، وعَلى الثَّانِي مؤول، أما على التغليب أَو يحمل على أصل اللُّغَة وإضافتها إِلَى الله تَعَالَى إِضَافَة اخْتِصَاص وإكرام لسلامتها من التَّخْلِيط وطهارتها عَن حُضُور الشَّيْطَان. قَوْله: (والحلم من الشَّيْطَان) أَي: الرُّؤْيَا الْغَيْر الصَّالِحَة أَي: الكاذبة، أَو السَّيئَة، وَإِنَّمَا نسبت إِلَى الشَّيْطَان لِأَن الرُّؤْيَا الكاذبة يُرِيد بهَا الشَّيْطَان ليسيء ظَنّه ويحزنه ويقل حَظه من شكر الله، وَلِهَذَا أمره بالبصق عَن يسَاره. وَعَن ابْن الْجَوْزِيّ: الرُّؤْيَا والحلم بِمَعْنى وَاحِد، لِأَن الْحلم مَا يرَاهُ الْإِنْسَان فِي نَومه، غير أَن صَاحب الشَّرْع خص الْخَيْر باسم الرُّؤْيَا وَالشَّر باسم الْحلم. قَوْله: (فَإِذا حلم أحدكُم) ، بِفَتْح اللَّام، قَالَ ابْن التِّين: وحلم، بِضَم اللَّام عَنهُ بِمَعْنى: عفى عَنهُ، وحلم بِالْكَسْرِ، يُقَال: حلم الْأَدِيم إِذا شب قبل أَن يدبغ. قَوْله: (حلما) ، مصدر بِضَم اللاَّم وسكونها: وَيجمع على: أَحْلَام فِي الْقلَّة: وحلوم، فِي الْكَثْرَة، وَإِنَّمَا جمع وَإِن كَانَ مصدرا لاخْتِلَاف أَنْوَاعه، وَهُوَ فِي الأَصْل عبارَة عَمَّا يرَاهُ الرَّائِي فِي مَنَامه حسنا كَانَ أَو مَكْرُوها. قَوْله: (يخافه) جملَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا صفة لقَوْله: حلماً. قَوْله: (فليبصق) ، دحراً للشَّيْطَان بذلك كرمي الْجمار، كَمَا يتفل عِنْد الشَّيْء القذر يرَاهُ وَلَا شَيْء أقذر من الشَّيْطَان، وَذكر الشمَال لِأَن الْعَرَب عِنْدهَا إتْيَان الشَّرّ كُله من قبل الشمَال، وَلذَلِك سمتها الشؤمى، وَكَانُوا يتشاءمون بِمَا جَاءَ من قبلهَا من الطير، وَأَيْضًا لَيْسَ فِيهَا كثير عمل وَلَا بَطش وَلَا أكل وَلَا شرب. قَوْله: (فَإِنَّهَا) أَي: فَإِن الْحلم، وَإِنَّمَا أنث الضَّمِير بِاعْتِبَار أَن الْحلم هُوَ الرُّؤْيَا السَّيئَة الكاذبة الْمَكْرُوهَة، والرؤيا الْمَكْرُوهَة هِيَ الَّتِي تكون عَن حَدِيث النَّفس وشهواتها، وَكَذَلِكَ رُؤْيا التهويل والتخويف يدْخلهُ الشَّيْطَان على الْإِنْسَان ليشوش عَلَيْهِ فِي الْيَقَظَة، وَهَذَا النَّوْع هُوَ الْمَأْمُور بالاستعاذة مِنْهُ، لِأَنَّهُ من تخيلاته، فَإِذا فعل الْمَأْمُور بِهِ صَادِقا أذهب الله عَنهُ مَا أَصَابَهُ من ذَلِك.

2923 - حدَّثنا أبُو المُغِيرَةِ حدَّثنا الأوْزَاعِيُّ قَالَ حدَّثني يَحْيَى بنُ أبِي كَثِيرٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي قَتَادَةَ عنْ أبِيهِ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (و) حدَّثني سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ حدَّثنا الوَلِيدُ حدَّثنا الأوْزَاعِيُّ قَالَ حدَّثني يَحْيَى بنُ أبِي كَثِيرٍ قَالَ حدَّثني عَبْدُ الله بنُ أبِي قَتادَةَ عنْ أبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّؤيَا الصَّالِحَةُ مِنَ الله والْحُلُمْ مِنَ الشَّيْطَانِ فإذَا حَلُمَ أحَدُكُمْ حُلُمَاً يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عنْ يَسَارِهِ ولْيَتَعَوَّذْ بِاللَّه مِنْ شَرِّهِمَا فإنَّهَا لاَ تَضُرُّهِ. .

أخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين: الأول: عَن أبي الْمُغيرَة عبد القدوس بن الْحجَّاج، مر فِي: بَاب تَزْوِيج الْمحرم عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير عَن عبد الله بن أبي قَتَادَة الْحَارِث بن الربعِي الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. الثَّانِي: عَن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْنه شُرَحْبِيل بن أَيُّوب الدِّمَشْقِي عَن الْوَلِيد بن مُسلم الدِّمَشْقِي عَن الْأَوْزَاعِيّ ... إِلَى آخِره، فالطريق الأولى أَعلَى، وَلَكِن فِي الثَّانِيَة التَّصْرِيح بتحديث عبد الله بن أبي قَتَادَة ليحيى بن أبي كثير. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّعْبِير عَن مُسَدّد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَة) ، الرُّؤْيَا على وزن: فعلى، بِلَا تَنْوِين، وَجَمعهَا: رؤًى، مثل: رعًى، يُقَال: رأى فِي مَنَامه رُؤْيا، وَفِي الْيَقَظَة رأى رُؤْيَة، قيل: إِن الرُّؤْيَا أَيْضا تكون فِي الْيَقَظَة، وَعَلِيهِ تَفْسِير الْجُمْهُور فِي قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إلاَّ فتْنَة للنَّاس} (الْإِسْرَاء: 06) . إِن الرُّؤْيَا هَهُنَا فِي الْيَقَظَة، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الرُّؤْيَا بِمَعْنى: الرُّؤْيَة إلاَّ أَنَّهَا مُخْتَصَّة بِمَا كَانَ مِنْهَا فِي الْمَنَام دون الْيَقَظَة، فَلَا جرم، فرق بَينهمَا بِحرف التَّأْنِيث. وَقَالَ الواحدي: الرُّؤْيَا مصدر كالبُشرى، إلاَّ أَنه لما صَار اسْما لهَذَا المتخيل فِي الْمَنَام جرى مجْرى الْأَسْمَاء، وَقيل: يجوز ترك همزها تَخْفِيفًا. وَقَوله: الصَّالِحَة، إِمَّا صفة مُوضحَة للرؤيا، لِأَن غير الصَّالِحَة تسمى: بالحلم، أَو مخصصة، وَالصَّلَاح إِمَّا بِاعْتِبَار صورتهَا، وَإِمَّا بِاعْتِبَار تعبيرها، وَيُقَال لَهَا: الرُّؤْيَا الصادقة والرؤيا الْحَسَنَة. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: معنى الصَّالِحَة الْحَسَنَة: وَيحْتَمل أَن تجْرِي على ظَاهرهَا، وَأَن تجْرِي على الصادقة، وَالْمرَاد بهَا صِحَّتهَا وَتَفْسِير رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُبَشِّرَات على الأول ظَاهر، لِأَن الْبشَارَة كل خبر صدق يتَغَيَّر بِهِ بشرة الْوَجْه، واستعمالها فِي الْخَيْر أَكثر، وعَلى الثَّانِي مؤول، أما على التغليب أَو يحمل على أصل اللُّغَة وإضافتها إِلَى الله تَعَالَى إِضَافَة اخْتِصَاص وإكرام لسلامتها من التَّخْلِيط وطهارتها عَن حُضُور الشَّيْطَان. قَوْله: (والحلم من الشَّيْطَان) أَي: الرُّؤْيَا الْغَيْر الصَّالِحَة أَي: الكاذبة، أَو السَّيئَة، وَإِنَّمَا نسبت إِلَى الشَّيْطَان لِأَن الرُّؤْيَا الكاذبة يُرِيد بهَا الشَّيْطَان ليسيء ظَنّه ويحزنه ويقل حَظه من شكر الله، وَلِهَذَا أمره بالبصق عَن يسَاره. وَعَن ابْن الْجَوْزِيّ: الرُّؤْيَا والحلم بِمَعْنى وَاحِد، لِأَن الْحلم مَا يرَاهُ الْإِنْسَان فِي نَومه، غير أَن صَاحب الشَّرْع خص الْخَيْر باسم الرُّؤْيَا وَالشَّر باسم الْحلم. قَوْله: (فَإِذا حلم أحدكُم) ، بِفَتْح اللَّام، قَالَ ابْن التِّين: وحلم، بِضَم اللَّام عَنهُ بِمَعْنى: عفى عَنهُ، وحلم بِالْكَسْرِ، يُقَال: حلم الْأَدِيم إِذا شب قبل أَن يدبغ. قَوْله: (حلما) ، مصدر بِضَم اللاَّم وسكونها: وَيجمع على: أَحْلَام فِي الْقلَّة: وحلوم، فِي الْكَثْرَة، وَإِنَّمَا جمع وَإِن كَانَ مصدرا لاخْتِلَاف أَنْوَاعه، وَهُوَ فِي الأَصْل عبارَة عَمَّا يرَاهُ الرَّائِي فِي مَنَامه حسنا كَانَ أَو مَكْرُوها. قَوْله: (يخافه) جملَة فِي مَحل النصب لِأَنَّهَا صفة لقَوْله: حلماً. قَوْله: (فليبصق) ، دحراً للشَّيْطَان بذلك كرمي الْجمار، كَمَا يتفل عِنْد الشَّيْء القذر يرَاهُ وَلَا شَيْء أقذر من الشَّيْطَان، وَذكر الشمَال لِأَن الْعَرَب عِنْدهَا إتْيَان الشَّرّ كُله من قبل الشمَال، وَلذَلِك سمتها الشؤمى، وَكَانُوا يتشاءمون بِمَا جَاءَ من قبلهَا من الطير، وَأَيْضًا لَيْسَ فِيهَا كثير عمل وَلَا بَطش وَلَا أكل وَلَا شرب. قَوْله: (فَإِنَّهَا) أَي: فَإِن الْحلم، وَإِنَّمَا أنث الضَّمِير بِاعْتِبَار أَن الْحلم هُوَ الرُّؤْيَا السَّيئَة الكاذبة الْمَكْرُوهَة، والرؤيا الْمَكْرُوهَة هِيَ الَّتِي تكون عَن حَدِيث النَّفس وشهواتها، وَكَذَلِكَ رُؤْيا التهويل والتخويف يدْخلهُ الشَّيْطَان على الْإِنْسَان ليشوش عَلَيْهِ فِي الْيَقَظَة، وَهَذَا النَّوْع هُوَ الْمَأْمُور بالاستعاذة مِنْهُ، لِأَنَّهُ من تخيلاته، فَإِذا فعل الْمَأْمُور بِهِ صَادِقا أذهب الله عَنهُ مَا أَصَابَهُ من ذَلِك.

3923 - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخْبرنا مالِكٌ عنْ سُمَيُ مَوْلَى أبي بَكْرٍ عنْ أبِي صالِحٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنْ قَالَ لاَ إلاهَ إلاَّ الله وحْدَهُ لاَ شَرِيِكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهْوَ علَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنةٍ ومُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وكانَتُ لَهُ حِرْزَاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حتَّى يُمْسِي ولَمْ يَأتِ أحَدٌ بِأفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إلاَّ أحَدٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. (الحَدِيث 3923 طرفه فِي: 3046) .

سمي، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء: مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة الْقرشِي المَخْزُومِي الْمدنِي، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الدَّعْوَات أَيْضا. وَأخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن مُوسَى. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي ثَوَاب التَّسْبِيح عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
قَوْله: (عدل) ، بِفَتْح الْعين، أَي: مثل ثَوَاب إِعْتَاق عشر رِقَاب. قَوْله: (حرْزا) ، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة، وَهُوَ الْموضع الْحصين وَيُسمى التعويذ أَيْضا حرْزا. قَوْله: (يَوْمه) ، نصب على الظّرْف. قَوْله: (ذَلِك) ، إِشَارَة إِلَى الْيَوْم الَّذِي دَعَا فِيهِ بِهَذَا الْكَلَام الْمُشْتَمل على الِاعْتِرَاف بالوحدانية، وعَلى الشُّكْر لله وَالْإِقْرَار بقدرته على كل شَيْء. قَوْله: (عمل) ، فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهُ صفة لقَوْله: أحد. قَوْله: (من ذَلِك) ، أَي: من الْعَمَل الَّذِي عمله الأول.

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 15  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست