responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 13  صفحه : 27
(وَلَا يشرب) ، وَقَوله: (وَلَا يسرق) ، قَوْله: (وَلَا ينتهب) ، فِي مَحل المفعولية لقَوْله: (وَيلْحق) ، على سَبِيل الْحِكَايَة، وَقَالَ النَّوَوِيّ: ظَاهر هَذَا أَنه من كَلَام أبي هُرَيْرَة مَوْقُوف عَلَيْهِ، وَلَكِن جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى تدل على أَنه من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَجمع الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بن الصّلاح بِمَا يؤول إِلَيْهِ ملخص كَلَامه: أَن معنى قَول أبي هُرَيْرَة: يلْحق مَعَهُنَّ وَلَا ينتهب ... إِلَى آخِره، يَعْنِي يلْحقهَا رِوَايَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا من عِنْد نَفسه، واختصاص أبي بكر بِهَذَا لكَونه بلغه أَن غَيره لَا يَرْوِيهَا. قَوْله: (ذَات شرف) ، فِي الْأُصُول الْمَشْهُورَة المتداولة بالشين الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة، وَمَعْنَاهُ: ذَات قدر عَظِيم، وَقيل: ذَات استشراف، ليستشرف النَّاس لَهَا ناظرين إِلَيْهَا رافعين أَبْصَارهم. وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْجُوَيْنِيّ بِالسِّين الْمُهْملَة، وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو: وَكَذَا قَيده بَعضهم فِي كتاب مُسلم، وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَيْضا: ذَات قدر عَظِيم. فَإِن قلت: يُعَارض هَذَا الحَدِيث حَدِيث أبي ذَر: من قَالَ لَا إلاه إلاَّ الله ... دخل الْجنَّة، وَإِن زنى وَإِن سرق، وَالْأَحَادِيث الَّتِي نَظَائِره مَعَ قَوْله تَعَالَى: {أَن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} (آل عمرَان: 611) . مَعَ إِجْمَاع أهل الْحق على أَن الزَّانِي وَالسَّارِق وَالْقَاتِل وَغَيرهم من أَصْحَاب الْكَبَائِر، غير الشّرك لَا يكفرون بذلك؟ قلت: هَذَا الَّذِي دعاهم إِلَى أَن قَالُوا هَذِه الْأَلْفَاظ الَّتِي تطلق على نفي الشَّيْء يُرَاد نفي كَمَاله، كَمَا يُقَال: لَا علم إلاَّ بِمَا نفع، وَلَا مَال إِلَّا الْإِبِل، وَلَا عَيْش إلاَّ عَيْش الْآخِرَة، ثمَّ إِن مثل هَذَا التَّأْوِيل ظَاهر شَائِع فِي اللُّغَة يسْتَعْمل كثيرا، وَبِهَذَا يحصل الْجمع بَينه وَبَين مَا ذكر من الحَدِيث وَالْآيَة، وتأوله بعض الْعلمَاء على من فعل ذَلِك مستحلاً مَعَ علمه بورود الشَّرْع بِتَحْرِيمِهِ.
وعنْ سَعيدٍ وَأبي سلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ عنِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلَهُ إلاَّ النُّهْبَةَ
سعيد هُوَ ابْن الْمسيب، وَأَبُو سَلمَة هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن سعيداً وَأَبا سَلمَة رويا هَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور مثل مَا ذكر، إلاَّ النهبة، يَعْنِي: لم يذكرَا حكم الانتهاب، بل ذكر الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَالشرب فَقَط. وَقد ذكرنَا آنِفا عَن مُسلم أَنه أخرج فِي حَدِيثه: وَقَالَ ابْن شهَاب: حَدثنِي سعيد بن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِمثل حَدِيث أبي بكر هَذَا إلاَّ النهبة. وَذكر مُسلم أَيْضا من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ أَن الزُّهْرِيّ روى عَن ابْن الْمسيب وابي سَلمَة وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... الحَدِيث وَفِيه: وَذكر النهبة وَلم يقل ذَات شرف.
قَالَ الفِرَبْرَيُّ وجدْتُ بِخَطِّ أبِي جَعْفَرٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله تفْسِيرُهُ أنْ يُنْزَعَ مِنْهُ يُرِيدُ الإيمانَ
الْفربرِي، هُوَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن مطر الرَّاوِي عَن البُخَارِيّ وَأَبُو جَعْفَر هُوَ ابْن أبي حَاتِم، ورَّاق البُخَارِيّ وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله: (تَفْسِيره) ، أَي: تَفْسِير قَوْله: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن) ، أَن ينْزع مِنْهُ نور الْإِيمَان، وَالْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بالجنان وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ ونوره الْأَعْمَال الصَّالِحَة والاجتناب عَن الْمعاصِي، فَإِذا زنى أَو شرب الْخمر أَو سرق يذهب نوره وَيبقى صَاحبه فِي الظلمَة، وَالْإِشَارَة فِيهِ إِلَى أَنه لَا يخرج عَن الْإِيمَان. قيل: إِن فِي هَذَا الحَدِيث تَنْبِيها على جَمِيع أَنْوَاع الْمعاصِي والتحذير مِنْهَا. فنبه بِالزِّنَا على جَمِيع الشَّهَوَات وبالخمر على جَمِيع مَا يصد عَن الله تَعَالَى وَيُوجب الْغَفْلَة عَن حُقُوقه، وبالسرقة على الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا والحرص على الْحَرَام، وبالنهبة على الاستخفاف بعباد الله تَعَالَى وَترك توقيرهم وَالْحيَاء مِنْهُم، وَجمع الدُّنْيَا من غير وَجههَا، وَالله تَعَالَى أعلم.

13 - (بابُ كَسْرِ الصَّلِيبِ وقَتْلِ الخِنْزِيرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْإِخْبَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أخبر عَن كسر عِيسَى بن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، عِنْد نُزُوله صلبان النصاري وأوثان الْمُشْركين وَقتل خنازير الْكل، وَلَيْسَ المُرَاد من هَذِه التَّرْجَمَة الْإِشَارَة إِلَى جَوَاز كسر صَلِيب النَّصَارَى وَقتل خنازير أهل الذِّمَّة، فَإنَّا أمرنَا بتركهم وَمَا يدينون، وَأما كسر صَلِيب أهل الْحَرْب وَقتل خنازيرهم فَهُوَ جَائِز وَلَا شَيْء على فَاعله، والصليب هُوَ المربع الْمَشْهُور لِلنَّصَارَى من الْخشب، يَزْعمُونَ أَن عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، صلب على خَشَبَة

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 13  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست