responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 11  صفحه : 142
الِاعْتِكَاف يَصح فِي كل مَسْجِد، رُوِيَ ذَلِك عَن النَّخعِيّ وَأبي سَلمَة وَالشعْبِيّ، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالثَّوْري. وَالشَّافِعِيّ فِي الْجَدِيد، وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر وَدَاوُد، وَهُوَ قَول مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) وَهُوَ قَول الْجُمْهُور وَالْبُخَارِيّ أَيْضا، حَيْثُ اسْتدلَّ بِعُمُوم الْآيَة فِي سَائِر الْمَسَاجِد. وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : الِاعْتِكَاف لَا يَصح إلاَّ فِي مَسْجِد الْجَمَاعَة، وَعَن أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه لَا يَصح، إلاَّ فِي مَسْجِد يصلى فِيهِ الصَّلَوَات الْخمس. وَقَالَ الزُّهْرِيّ وَالْحكم وَحَمَّاد: هُوَ مَخْصُوص بالمساجد الَّتِي يجمع فِيهَا. وَفِي (الذَّخِيرَة) للمالكية: قَالَ مَالك: يعْتَكف فِي الْمَسْجِد، سَوَاء أقيم فِيهِ الْجَمَاعَة أم لَا. وَفِي (الْمُنْتَقى) عَن أبي يُوسُف: الِاعْتِكَاف الْوَاجِب لَا يجوز أَدَاؤُهُ فِي غير مَسْجِد الْجَمَاعَة، وَالنَّفْل يجوز أَدَاؤُهُ فِي غير مَسْجِد الْجَمَاعَة، وَفِي (الْيَنَابِيع) : لَا يجوز الِاعْتِكَاف الْوَاجِب إلاَّ فِي مَسْجِد لَهُ إِمَام ومؤذن مَعْلُوم، يصلى فِيهِ خمس صلوَات، وَرَوَاهُ الْحسن عَن أبي حنيفَة. ثمَّ أفضل الِاعْتِكَاف مَا كَانَ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، ثمَّ فِي مَسْجِد النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ فِي بَيت الْمُقَدّس، ثمَّ فِي الْمَسْجِد الْجَامِع، ثمَّ فِي الْمَسَاجِد الَّتِي يكثر أَهلهَا ويعظم. وَقَالَ: النَّوَوِيّ: وَيصِح فِي سطح الْمَسْجِد ورحبته كَقَوْلِنَا لِأَنَّهُمَا من الْمَسْجِد.
وَقَالَ أَيْضا: الْمَرْأَة لَا يَصح اعتكافها إلاَّ فِي الْمَسْجِد كَالرّجلِ. وَقَالَ ابْن بطال: قَالَ الشَّافِعِي: تعتكف الْمَرْأَة وَالْعَبْد وَالْمُسَافر حَيْثُ شاؤوا، وَقَالَ أَصْحَابنَا: الْمَرْأَة تعتكف فِي مَسْجِد بَيتهَا، وَبِه قَالَ النَّخعِيّ وَالثَّوْري وَابْن علية. وَلَا تعتكف فِي مَسْجِد جمَاعَة، ذكره فِي الأَصْل. وَفِي (منية الْمُفْتِي) : لَو اعتكفت فِي الْمَسْجِد جَازَ، وَفِي (الْمُحِيط) : روى الْحسن عَن أبي حنيفَة جَوَازه وكراهته فِي الْمَسْجِد. وَفِي (الْبَدَائِع) : لَهَا أَن تعتكف فِي مَسْجِد الْجَمَاعَة. فِي رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة، وَمَسْجِد بَيتهَا أفضل لَهَا من مَسْجِد حيها، وَمَسْجِد حيها أفضل لَهَا من الْمَسْجِد الْأَعْظَم. قَوْله: لقَوْله تَعَالَى: {وَلَا تباشروهن} (الْبَقَرَة: 781) . الْآيَة وَجه الدّلَالَة من الْآيَة أَنه: لَو صَحَّ فِي غير الْمَسْجِد لم يخْتَص تَحْرِيم الْمُبَاشرَة بِهِ، لِأَن الْجِمَاع منافٍ للاعتكاف بِالْإِجْمَاع، فَعلم من ذكر الْمَسَاجِد أَن المُرَاد بِالْمُبَاشرَةِ أَن الإعتكاف لايكون أَلا فِيهَا وَنقل ابْن الْمُنْذر الاجماع على أَن المُرَاد فِي الْآيَة الْجِمَاع. وَقَالَ عَليّ بن طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، هَذَا فِي الرجل يعْتَكف فِي الْمَسْجِد فِي رَمَضَان أَو فِي غير رَمَضَان: يحرم عَلَيْهِ أَن ينْكح النِّسَاء لَيْلًا أَو نَهَارا حَتَّى يقْضِي اعْتِكَافه، وَقَالَ الضَّحَّاك: كَانَ الرجل إِذا اعْتكف فَخرج من الْمَسْجِد جَامع إِن شَاءَ، فَقَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا تباشروهن وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد} (الْبَقَرَة: 781) . أَي: لَا تقربوهن مَا دمتم عاكفين فِي الْمَسَاجِد، وَلَا فِي غَيرهَا، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة وَغير وَاحِد: إِنَّهُم كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود وَمُحَمّد بن كَعْب وَمُجاهد وَعَطَاء وَالْحسن وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَالسُّديّ وَالربيع بن أنس وَمُقَاتِل، قَالُوا: لَا يقربهَا وَهُوَ معتكف، وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ عَن هَؤُلَاءِ هُوَ الْأَمر الْمُتَّفق عَلَيْهِ عِنْد الْعلمَاء: أَن الْمُعْتَكف يحرم عَلَيْهِ النِّسَاء مَا دَامَ معتكفا فِي مَسْجده، وَلَو ذهب إِلَى منزله لحَاجَة لَا بُد مِنْهَا فَلَا يحل لَهُ أَن يلبث فِيهِ إلاَّ بِمِقْدَار مَا يفرغ من حَاجته تِلْكَ، من: غَائِط أَو بَوْل أَو أكل، وَلَيْسَ لَهُ أَن يقبل امْرَأَته وَلَا يضمها إِلَيْهِ، وَلَا يشْتَغل بِشَيْء سوى اعْتِكَافه، وَلَا يعود الْمَرِيض، لَكِن يسْأَل عَنهُ، وَهُوَ مار فِي طَرِيقه. قَوْله: {تِلْكَ حُدُود الله} (الْبَقَرَة: 781) . أَي هَذَا الَّذِي بَيناهُ وفرضناه وحددناه من الصّيام وَأَحْكَامه، وَمَا أبحنا فِيهِ وَمَا حرمنا، وَمَا ذكرنَا غاياته ورخصه وعزائمه: {حُدُود الله فَلَا تقربوها} (الْبَقَرَة: 781) . أَي: تجاوزوها أَو تعتدوها، وَكَانَ الضَّحَّاك وَمُقَاتِل يَقُولَانِ فِي قَوْله: {تِلْكَ حُدُود الله} (الْبَقَرَة: 781) . أَي: الْمُبَاشرَة فِي الِاعْتِكَاف. قَوْله: {كَذَلِك يبين الله آيَاته} (الْبَقَرَة: 781) . أَي: كَذَلِك يبين الله سَائِر أَحْكَامه على لِسَان نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ، أَي: يعْرفُونَ كَيفَ يَهْتَدُونَ وَكَيف يطيعون.

5202 - حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني ابنُ وَهْبٍ عنْ يُونُسَ أنَّ نافِعا أخْبَرَهُ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضانَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَإِسْمَاعِيل بن عبد الله هُوَ الْمَشْهُور بِإِسْمَاعِيل بن أبي أويس، وَأَبُو أويس اسْمه عبد الله الْمدنِي، ابْن اخت مَالك بن أنس، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد بن أبي النجاد الْأَيْلِي.
والْحَدِيث

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 11  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست