responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 1  صفحه : 253
اليه، وَالْكَافِر لَيْسَ كَذَلِك، وَأولُوا حَدِيث حَكِيم بن حزَام من وُجُوه. الأول: أَن معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (اسلمت على مَا اسلفت من خير) : إِنَّك اكْتسبت طباعاً جميلَة تنْتَفع بِتِلْكَ الطباع فِي الْإِسْلَام بِأَن يكون لَك مَعُونَة على فعل الطَّاعَات. وَالثَّانِي: اكْتسبت ثَنَاء جميلاً بَقِي لَك فِي الاسلام. وَالثَّالِث: لَا يبعد أَن يُزَاد فِي حَسَنَاته الَّتِي يَفْعَلهَا فِي الْإِسْلَام، وَيكثر أجره لما تقدم لَهُ من الْأَفْعَال الحميدة. وَقد جَاءَ أَن الْكَافِر إِذا كَانَ يفعل خيرا فَإِنَّهُ يُخَفف عَنهُ بِهِ، فَلَا يبعد أَن يُزَاد فِي أجوره. وَالرَّابِع: زَاده القَاضِي، وَهُوَ أَنه ببركة مَا سبق لَك من الْخَيْر هداك الله لِلْإِسْلَامِ، أَي: سبق لَك عِنْد الله من الْخَيْر مَا حملك على فعله فِي جاهليتك، وعَلى خَاتِمَة الْإِسْلَام. وتعقبهم النَّوَوِيّ فِي (شَرحه) فَقَالَ: هَذَا الَّذِي ذَكرُوهُ ضَعِيف، بل الصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَقد ادّعى فِيهِ الْإِجْمَاع على أَن الْكَافِر إِذا فعل أفعالاً جميلَة على جِهَة التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى: كصدقة وصلَة رحم واعتاق وَنَحْوهَا من الْخِصَال الجميلة، ثمَّ أسلم، يكْتب لَهُ كل ذَلِك ويثاب عَلَيْهِ إِذا مَاتَ على الْإِسْلَام، وَدَلِيله حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ الذى يَأْتِي الْآن، وَحَدِيث حَكِيم بن حزَام ظَاهر فِيهِ، وَهَذَا أَمر لَا يحيله الْعقل، وَقد ورد الشَّرْع بِهِ، فَوَجَبَ قبُوله. وَأما دَعْوَى كَونه مُخَالفا لِلْأُصُولِ فَغير مَقْبُولَة، وَأما قَول الْفُقَهَاء: لَا تصح عبَادَة من كَافِر وَلَو اسْلَمْ، لم يعْتد بهَا، فمرادهم: لَا يعْتد بهَا فِي أَحْكَام الدُّنْيَا، وَلَيْسَ فِيهِ تعرض لثواب الْآخِرَة، فان أقدم قَائِل على التَّصْرِيح بِأَنَّهُ إِذا أسلم لَا يُثَاب عَلَيْهَا فِي الْآخِرَة، فَهُوَ مجازف، فَيرد قَوْله بِهَذِهِ السّنة الصَّحِيحَة. وَقد يعْتد بِبَعْض أَفعَال الْكَافِر فى الدُّنْيَا، فَقَالَ: قَالَ الْفُقَهَاء: إِذا لزمَه كَفَّارَة ظِهَار وَغَيرهَا فَكفر فِي حَال كفره اجزأه ذَلِك، وَإِذا اسْلَمْ لَا يلْزم إِعَادَتهَا، وَاخْتلفُوا فِيمَا لَو اجنب واغتسل فِي كفره، ثمَّ اسْلَمْ، هَل يلْزمه إِعَادَة الْغسْل؟ وَالأَصَح اللُّزُوم، وَبَالغ بعض أَصْحَابنَا فَقَالَ: يَصح من كل كَافِر طَهَارَة، غسلا كَانَت أَو وضوء أَو تيمماً، وَإِذا أسلم صلى بهَا، وَقد ذهب إِلَى مَا ذهب إِلَيْهِ النَّوَوِيّ ابراهيم الْحَرْبِيّ وَابْن بطال والقرطبي وَابْن مُنِير، وَقَالَ ابْن مُنِير: الْمُخَالف للقواعد دَعْوَى أَنه يكْتب لَهُ ذَلِك فِي حَال كفره واما أَن الله يضيف إِلَى حَسَنَاته فِي الْإِسْلَام ثَوَاب مَا كَانَ صدر مِنْهُ مِمَّا كَانَ يَظُنّهُ خيرا، فَلَا مَانع مِنْهُ كَمَا لَو تفضل عَلَيْهِ ابْتِدَاء من غير عمل، وكما يتفضل على الْعَاجِز بِثَوَاب مَا كَانَ يعْمل وَهُوَ قَادر، فَإِذا جَازَ أَن يكْتب لَهُ ثَوَاب مَا لم يعْمل أَلْبَتَّة، جَازَ أَن يكْتب لَهُ ثَوَاب مَا عمله غير موفي الشُّرُوط. وَقَالَ ابْن بطال: لله تَعَالَى ان يتفضل على عباده بِمَا شَاءَ، وَلَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ.
فَوَائِد: مِنْهَا: أَن فِيهِ الْحجَّة على الْخَوَارِج وَغَيرهم من الَّذين يكفرون بِالذنُوبِ ويوجبون خُلُود المذنبين فِي النَّار. وَمِنْهَا: أَن قَوْله: (إلاَّ ان يتَجَاوَز الله عَنْهَا) دَلِيل لمَذْهَب أهل السّنة أَنه تَحت الْمَشِيئَة، إِن شَاءَ الله تجَاوز عَنهُ، وَإِن شَاءَ أَخذه. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ دَلِيلا لَهُم فِي أَن أَصْحَاب الْمعاصِي لَا يقطع عَلَيْهِم بالنَّار، خلافًا للمعتزلة، فَإِنَّهُم قطعُوا بعقاب صَاحب الْكَبِيرَة إِذا مَاتَ بِلَا تَوْبَة. وَمِنْهَا: مَا قَالَ بَعضهم: أول الحَدِيث يرد على من أنكر الزِّيَادَة وَالنَّقْص فِي الْإِيمَان، لِأَن الْحسن تَتَفَاوَت درجاته، قلت: هَذَا كَلَام سَاقِط، لِأَن الْحسن من أَوْصَاف الْإِيمَان، وَلَا يلْزم من قابلية الْوَصْف الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان قابلية الذَّات إيَّاهُمَا، لِأَن الذَّات من حَيْثُ هُوَ لَا يقبل ذَلِك كَمَا عرف فِي مَوْضِعه.

42 - حدّثنا إسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ قَالَ حّدثنا عبدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ همامٍ عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أحْسَنَ أحَدُكُمْ إسْلاَمَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: اسحق بن مَنْصُور بن بهْرَام، وَقَالَ النَّوَوِيّ، بِكَسْر الْبَاء، وَالْمَشْهُور فتحهَا، أَبُو يَعْقُوب الكوسج من أهل مرو سكن بنيسابور ورحل إِلَى الْعرَاق وَالشَّام والحجاز، روى عَنهُ الْجَمَاعَة إلاَّ أَبَا دَاوُد، وَهُوَ أحد الْأَئِمَّة من أَصْحَاب الحَدِيث، وَهُوَ الَّذِي دوَّن عَن أَحْمد الْمسَائِل. قَالَ النَّسَائِيّ: ثِقَة ثَبت، مَاتَ بنيسابور سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: عبد الرَّزَّاق بن همام بن نَافِع الْيَمَانِيّ الصَّنْعَانِيّ، سمع عبد الله المعمرى ومعمراً وَالثَّوْري ومالكاً وَغَيرهم، قَالَ معمر: عبد الرَّزَّاق خليق أَن يضْرب إِلَيْهِ أكباد الْإِبِل. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: مَا رَأَيْت أحسن من عبد الرَّزَّاق. وَقَالَ

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 1  صفحه : 253
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست