responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 1  صفحه : 122
َ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْم الآخِرِ والمَلائِكَةِ والكِتَابِ والنَّبِيينَ وَآتى المَال عَلَى حُبّهِ ذَوِي القُرْبى واليَتَامَى والمَساكِينَ وابْنَ السَّبِيلِ والسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وأقَامَ الصَّلاَةَ وأتَى الزَّكَاةَ والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذَا عَاهَدُوا والصَّابرينَ فِي البَأْسَاءِ والضَّرَاءِ وحِينَ البَأْسِ أُولئِكَ الذَينَ صَدَقُوا وأُولَئكَ هُمُ المتَّقُونَ} (الْبَقَرَة: 177) {قَدْ أفْلَحَ المؤمِنُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 1) الآيَةَ.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أُمُور الْإِيمَان، فَيكون ارْتِفَاع: بَاب، على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَالْمرَاد بالأمور هِيَ: الْإِيمَان، لِأَن الْأَعْمَال عِنْده هِيَ: الْإِيمَان، فعلى هَذَا، الْإِضَافَة فِيهِ بَيَانِيَّة، وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير: بَاب الْأُمُور الَّتِي للْإيمَان فِي تَحْقِيق حَقِيقَته وتكميل ذَاته، فعلى هَذَا، الْإِضَافَة بِمَعْنى: اللَّام، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بَاب أَمر الْإِيمَان، بِالْإِفْرَادِ على إِرَادَة الْجِنْس؛ وَقَالَ ابْن بطال: التَّصْدِيق أول منَازِل الْإِيمَان، والاستكمال إِنَّمَا هُوَ بِهَذِهِ الْأُمُور. وَأَرَادَ البُخَارِيّ الاستكمال، وَلِهَذَا بوب أبوابه عَلَيْهِ فَقَالَ: بَاب أُمُور الْإِيمَان؛ و: بَاب الْجِهَاد من الْإِيمَان، و: بَاب الصَّلَاة من الْإِيمَان، و: بَاب الزَّكَاة من الْإِيمَان. وَأَرَادَ بِهَذِهِ الْأَبْوَاب كلهَا الرَّد على المرجئة الْقَائِلين، بِأَن الْإِيمَان قَول بِلَا عمل، وتبيين غلطهم ومخالفتهم الْكتاب وَالسّنة. وَقَالَ الْمَازرِيّ: اخْتلف النَّاس فِيمَن عصى الله من أهل الشَّهَادَتَيْنِ: فَقَالَت المرجئة: لَا تضر الْمعْصِيَة مَعَ الْإِيمَان، وَقَالَت الْخَوَارِج: تضره بهَا وَيكفر بهَا، وَقَالَت الْمُعْتَزلَة: يخلد بهَا فَاعل الْكَبِيرَة وَلَا يُوصف بِأَنَّهُ مُؤمن وَلَا كَافِر، لَكِن يُوصف بِأَنَّهُ فَاسق: وَقَالَت الأشعرية: بل هُوَ مُؤمن وَأَن عذب، وَلَا بُد من دُخُوله الْجنَّة. قَوْله: (وَقَول الله عز وَجل) بِالْجَرِّ عطف على الْأُمُور. فَإِن قلت: مَا الْمُنَاسبَة بَين هَذِه الْآيَة والتبويب؟ قلت: لِأَن الْآيَة حصرت الْمُتَّقِينَ على أَصْحَاب هَذِه الصِّفَات والأعمال، فَعلم مِنْهَا أَن الْإِيمَان الَّذِي بِهِ الْفَلاح والنجاة الْإِيمَان الَّذِي فِيهِ هَذِه الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة، وَكَذَلِكَ الْآيَة الْأُخْرَى، وَهِي قَوْله: {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون وَالَّذين هم عَن اللَّغْو معرضون وَالَّذين هم لِلزَّكَاةِ فاعلون وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت إِيمَانهم فَإِنَّهُم غير ملومين فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك فَأُولَئِك هم العادون} (الْمُؤْمِنُونَ: 1 7) وَذكر الْأُخْرَى فِي كتاب الشَّرِيعَة من حَدِيث المَسْعُودِيّ، عَن الْقَاسِم، عَن أبي ذَر، رَضِي الله عَنهُ: (أَن رجلا سَأَلَهُ عَن الْإِيمَان فَقَرَأَ عَلَيْهِ: {لَيْسَ بِالْبرِّ} (الْبَقَرَة: 177)) الْآيَة. فَقَالَ الرجل: لَيْسَ عَن الْبر سَأَلتك، فَقَالَ أَبُو ذَر: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ كَمَا سَأَلتنِي فَقَرَأَ عَلَيْهِ كَمَا قَرَأت عَلَيْك، فَأبى أَن يرضى كَمَا أَبيت أَن ترْضى، فَقَالَ: ادن مني، فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ الْمُؤمن الَّذِي يعْمل حَسَنَة فتسره، ويرجو ثَوَابهَا، وَإِن عمل سَيِّئَة تسؤوه وَيخَاف عَاقبَتهَا. قَوْله: {لَيْسَ الْبر} (الْبَقَرَة: 177) أَي: لَيْسَ الْبر كه أَن تصلوا وَلَا تعملوا غير ذَلِك. {وَلَكِن الْبر} (الْبَقَرَة: 177) بر {من آمن بِاللَّه} (الْبَقَرَة: 177) الْآيَة كَذَا قدره سِيبَوَيْهٍ. وَقَالَ الزّجاج: وَلَكِن ذَا الْبر، فَحذف الْمُضَاف كَقَوْلِه {هم دَرَجَات عِنْد الله} (آل عمرَان: 163) أَي: ذَوُو دَرَجَات، وَمَا قدره سِيبَوَيْهٍ أولى، لِأَن الْمَنْفِيّ هُوَ الْبر، فَيكون هُوَ الْمُسْتَدْرك من جنسه. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ، رَحمَه الله: البراسم للخير، وَلكُل فعل مرضِي وَفِي (الغريبين) الْبر: الاتساع فِي الْإِحْسَان وَالزِّيَادَة مِنْهُ. وَقَالَ السّديّ: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تتفقوا} (آل عمرَان: 92) يَعْنِي: الْجنَّة وَالْبر: أَيْضا: الصِّلَة وَهُوَ اسْم جَامع للخير كُله، وَفِي (الْجَامِع) و (الْجَمْرَة) : الْبر ضد العقوق، وَفِي (مثلث) ابْن السَّيِّد: الْإِكْرَام، كَذَا نَقله عَنهُ فِي (الواعي) : وَذكر ابْن عديس عَنهُ: الْبر، بِالْكَسْرِ: الْخَيْر. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الخطابُ لأهل الْكتاب، لِأَن الْيَهُود تصلي قبل الْمغرب إِلَى بَيت الْمُقَدّس، وَالنَّصَارَى قبل الْمشرق، وَذَلِكَ أَنهم أَكْثرُوا الْخَوْض فِي أَمر الْقبْلَة حِين تحول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْكَعْبَة، وَزعم كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ أَن الْبر التَّوَجُّه، إِلَى قبلته، فَرد عَلَيْهِم وَقَرَأَ: {لَيْسَ الْبر} (الْبَقَرَة: 177) بِالنّصب على أَنه خبر مقدم، وَقَرَأَ عبد الله: {بِأَن توَلّوا} على إِدْخَال الْبَاء على الْخَبَر للتَّأْكِيد. وَعَن الْمبرد: لَو كنت مِمَّن يقْرَأ الْقُرْآن لقرأت: {وَلَكِن الْبر} بِفَتْح الْبَاء، وقرىء وَلَكِن الْبَار، وَقَرَأَ ابْن عَامر وَنَافِع: وَلَكِن الْبر، بِالتَّخْفِيفِ {وَالْكتاب} (الْبَقَرَة: 177) جنس كتاب الله تَعَالَى، أَو الْقُرْآن: {على حبه} (الْبَقَرَة: 177) مَعَ حب المَال وَالشح بِهِ، وَقيل: على حب الله، وَقيل: على حب الإيتاء، وَقدم ذَوي الْقُرْبَى لِأَنَّهُ أَحَق، وَالْمرَاد: الْفُقَرَاء مِنْهُم لعدم الالتباس: {والمسكين} (الْبَقَرَة: 177) الدَّائِم السّكُون إِلَى النَّاس، لِأَنَّهُ لَا شَيْء لَهُ كالمسكير: الدَّائِم السكر. {وَابْن السَّبِيل} (الْبَقَرَة: 177) الْمُسَافِر الْمُنْقَطع، وَجعل ابْنا للسبيل لملازمته لَهُ، كَمَا يُقَال: للص الْقَاطِع: ابْن الطَّرِيق، وَقيل: هُوَ الضَّيْف لِأَن السَّبِيل ترعف بِهِ {والسائلين} (الْبَقَرَة: 177) المستطعمين. {وَفِي الرّقاب} (الْبَقَرَة: 177) وَفِي معاونة المكاتبين حَتَّى يفكوا رقابهم، وَقيل: فِي ابتياع الرّقاب وإعتاقها، وَقيل: فِي فك الْأُسَارَى والموفون

نام کتاب : عمدة القاري شرح صحيح البخاري نویسنده : العيني، بدر الدين    جلد : 1  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست