الجهة، ولكنهما متفاضلان من جهة المتكلم فيه، المخبر عنه، فـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} كلام الله وخبره الذي يخبر عن نفسه، وصفته التي يصف بها نفسه، وكلامه الذي يتكلم به عن نفسه.
و {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} كلام الله الذي يتكلم به عن بعض خلقه، ويصف به حاله، فهما من هذه الجهة متفاضلان" [1] .
ولا يلزم من كثرة الحروف أفضلية ذلك، كما توهمه بعض العلماء؛ لأن الفضل يتبع تفاضل المعاني.
فحروف الفاتحة لقارئها بكل حرف حسنة أعظم من حسنات {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}
فلا يلزم من مماثلة الشيء مساواته في الفضل، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنه لو أنفق من جاء بعد السابقين مثل أحد ذهباً، ما بلغ مد أحد السابقين إلى الإسلام، ولا نصيفه" [2] .
قال شيخ الإسلام: " فإذا قرأ الإنسان {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} حصل له من الثواب بقدر ثلث القرآن، لكن لا يلزم أن يكون الثواب من جنس الثواب الحاصل بقراءة ثلث القرآن؛ لأن الإنسان يحتاج إلى ما يحصل له من ثواب الأمر والنهي والقصص، وغير ذلك، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لا تسد مسد ذلك، ولا تقوم مقامه، مع أن فضل القراءة والذكر والدعاء وغير ذلك، يختلف باختلاف حال الإنسان، فالقراءة بتدبر أفضل من القراءة بلا تدبر، والصلاة بخشوع وحضور
قلب، أفضل من الصلاة بدون ذلك، فإذا كانت {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يعدل
(1) " مجموع الفتاوى" (17/57) . [2] رواه البخاري في "فضائل الصحابة" ولفظه: " لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" انظر: " الفتح" (7/21) ، ورواه مسلم في "الفضائل" (4/1967) .