ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى آخذ بالعرش" وفي الرواية الأخرى: " إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة، فإذا أنا بموسى متعلق بالعرش"، وفي أخرى: " إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الثانية ".
وفي رواية مسلم: " ثم ينفخ فيه أخرى، فأكون أول من بعث".
فهذا واضح وصريح في أن المقصود: البعث من الموت الحاصل بنفخ الصور النفخة الثانية، وبه يتبين أن ما قاله القرطبي وغيره مما سبق ذكره، وكذا ما ذهب إليه ابن القيم، كله غير صحيح كما سبق، وكذا قول الحليمي في "المنهاج": "أن ظاهر الحديث أن هذه صعقة غشي يوم القيامة، لا صعقة الموت، الحادث عن نفخ الصور" [1] مردود بما صرحت به الروايات المذكورة.
الصواب ما نصت عليه هذه الروايات من أن موسى عليه السلام يبعث قبل نبينا –صلى الله عليه وسلم-، وأما تردده: أأصابه الصعق فبعث قبله، أو كان ممن استثنى الله – تعالى-، أو جوزي عن الصعق بصعقة الطور، كل ذلك يقتضي أنه بعث قبله.
ولكن يبقى الإشكال في أن النفخة التي استثنى الله -تعالى- منها هي الأولى، ومعلوم أن موسى عليه السلام قد مات قبلها، فكيف يصح استثناؤه منها؟
فيقال: وكذا نبينا –صلى الله عليه وسلم- وسائر الأنبياء لا ينالهم ذلك، وإنما ينال من كان حياً في ذلك الوقت، ويكون الأقرب ما قاله الحليمي: " أن المعنى: إذا نفخ في الصور
مرة أخرى، كنت أول من بعث، فأجد موسى مبعوثاً قبلي، فلا أدري: أفضل بذلك على سائر الخلق، أو أن ذلك جزاء له بصعقة الطور؟ " [2] . [1] انظر: " المنهاج" المخطوط رقم 214، وانظر: المطبوع (1/432) وهو كثير التحريف. [2] انظر: " المنهاج" الورقة 214، أو المطبوع (1/432) وهذا معنى كلامه وليس لفظه.