قال الإمام ابن جرير - رحمه الله تعالى -: " يقول - تعالى ذكره - فإن تولى، يا محمد، هؤلاء الذين جئتهم بالحق من عند ربك، من قومك، فأدبروا عنك، ولم يقبلوا ما أتيتهم به من النصيحة في الله، وما دعوتهم إليه من النور والهدى، فقل: {حَسْبِيَ اللهُ} يكفيني ربي {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} لا معبود سواه {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} وبه وثقت، وعلى عونه اتكلت، وإليه وإلى نصره استندت، فإنه ناصري، ومعيني، على من خالفني وتولى عني ومن غيركم من الناس، {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} الذي يملك ما دونه، والملوك كلهم مماليكه، وعبيده.
وإنما عنى بوصفه - جل ثناؤه - نفسه بأنه رب العرش العظيم: الخبر عن جميع ما دونه أنهم عبيده، وفي ملكه، وسلطانه؛ لأن العرش العظيم إنما يكون للملوك، فوصف نفسه بأنه ذو العرش، دون سائر خلقه، وأنه المالك العظيم، دون غيره، وأن من دونه في سلطانه، وملكه، جار عليه حكمه وقضاؤه" [1] .
وقال ابن كثير: " وهو رب العرش العظيم" أي: هو مالك كل شيء، وخالقه؛ لأن العرش العظيم، الذي هو سقف المخلوقات، وجميع الخلائق من السماوات والأرضيين وما فيهما وما بينهما، تحت العرش، مقهورون بقدرة الله -تعالى-، وعلمه محيط بكل شيء، وقدره نافذ في كل شيء، وهو على كل شيء وكيل" [2] .
وثبت عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - أن هذه الآية آخر ما نزل من القرآن [3] .
وقد تقدم أن تخصيصه -تعالى- العرش بأنه ربه، وإضافته إليه -تعالى- يدل على أمر زائد على ما في المخلوقات غيره من السماوات والأرض بأنه ربها.
(1) "تفسير الطبري" (11/77-78) بتحقيق محمود شاكر.
(2) "تفسير ابن كثير" (4/179-180) ط الشعب. [3] انظر: المصدرين السابقين.