في فلكها من جنس واحد، وأن كونها تحت العرش لا يختلف في نفسه، وإنما ذلك اختلاف بالنسبة والإضافة، علم أن تنوع النسب والإضافة لا يقدح فيما هو ثبات في نفسه لا مختلف" [1] .
يعني: أن اختلاف السير يكون بالنسبة لمن في الأرض، فهي تطلع على جانب منها وتغرب عن جانب آخر، مع أن سيرها في فلكها ليس فيه هذا الاختلاف، فلا يختلف سجودها باختلاف الليل والنهار؛ لأن هذا الاختلاف يكون بالنسبة إلى من في الأرض، وبالإضافة إليهم، أما هي فسجودها في مكان معين من سيرها، وفي وقت معين لا يختلف.
ثم قال -رحمه الله -: " ومن هنا يظهر الجواب عما ذكره ابن حزم، وغيره في حديث النزول [2] ، حيث قالوا: قد ثبت أن الليل يختلف بالنسبة إلى الناس، فيكون أوله ونصفه وثلثه بالمشرق قبل أوله، ونصفه وثلثه بالمغرب، قالوا: فلو كان
النزول هو النزول المعروف، للزم أن ينزل في جميع أجزاء الليل، إذ لا يزال في الأرض ليل، قالوا: أو لا يزال نازلاً وصاعداً، وهو جمع بين الضدين.
وهذا إنما قالوه لتخيلهم من نزوله -تعالى- ما يتخيلونه من نزول أحدهم، وهذا عين التمثيل، ثم إنهم بعد ذلك جعلوه كالواحد العاجز منهم، الذي لا يمكنه أن يجمع من الأفعال ما يعجز غيره عن جمعه.
وقد جاءت الأحاديث بأنه يحاسب خلقه يوم القيامة، كل منهم يراه مخلياً به، ويناجيه، لا يرى أنه متخلياً لغيره، ولا مخاطباً لغيره" [3] .
وسيأتي - إن شاء الله تعالى - إيضاح الرد على شبههم هذه وغيرها في
(1) "بيان تلبيس الجهمية" (2/228) . [2] سيأتي شرحه - إن شاء الله تعالى -، وهذا الكلام محله شرح حديث النزول، ولكن لشدة ارتباطاه بما ذكر في سير الشمس أحببت إثباته هنا.
(3) "بيان تلبيس الجهمية" (2/228) .