قال البخاري - رحمه الله تعالى-:
"باب ما جاء في دعاء النبي-صلى الله عليه وسلم -أمته إلى توحيد الله-تبارك وتعالى-"
مقصده بهذا أن يبين أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قد أوضح ما يجب على المسلم أن يعتقده في حق الله-تعالى- نفياً وإثباتاً، وأوضح ما يجب لله على عباده، من توحيد القصد والنية، لأن قوله: "توحيد الله" يعم أنواع التوحيد، فلم يترك الأمر مشتبهاً، بل بينه، فيجب أن يتبع بيانه في ذلك، فلا يصار إلى رأي متكلم، أو عقل متفلسف، أو قول مؤول.
وقوله: "دعاء النبي-صلى الله عليه وسلم - أمته" أي الدعوة التي كلفه الله بها وأمره بإبلاغها.
يعني: أن هذا مقصود الرسالة، فلابد أن يبينه، ويبلغه أمته، البلاغ المبين، بحيث لا يبقى فيه التباس، أو اشتباه.
وقد قام-صلوات الله وسلامه عليه- بهذا الواجب خير قيام، فأوضحه غاية الإيضاح، فلا عذر لمن انحرف عنه، وتلقى توحيده من الفلاسفة والمتكلمين الذين كثر في هذا الباب اضطرابهم، وغلظ عن معرفة الله-تعالى- حجابهم. (1)
وبهذا يبين أن معرفة التوحيد، الذي جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم -
(1) اقتباس من كلام شيخ الإسلام في أول الحموية، انظر (ص5) بتعليقات محمد عبد الرزاق حمزة.