العلماء على أن أصح الكتب المصنفة: صحيحا البخاري ومسلم، واتفق الجمهور على أن "صحيح البخاري" أصحهما صحيحاً، وأكثرهم فوائد". (1)
قلت: هو كتاب عظيم ونافع جداً لمن قرأه، وتدبره، وقد أودعه من التراجم التي تعين على الفهم الشيء الكثير، وهي تدل على عظيم فقهه في الحديث، ودقة استنباطه، وقد بلغت ثلاثة آلاف وثمانمائة واثنتين وثمانين ترجمة، وتزيد على ذلك في بعض النسخ.
هذا، وقد اعتنى به العلماء عناية فائقة، قراءة، وحفظاً، وتدريساً، وشرحاً.
فحظي بشروح كثيرة جداً، فذكر في "كشف الظنون" ما يقرب من ثمانين شرحاً للبخاري [2] ، وله أكثر من ذلك بكثير.
ومع هذا، فإن كتاب التوحيد منه بحاجة إلى شرح يبين مقاصد البخاري-رحمه الله تعالى - ووجه الرد منه على أهل البدع، لأن غالب من قام بشرحه، على المذهب الأشعري، ولا سيما الشروح المتداولة اليوم، ولهذا تجد أحدهم يوجه الكلام من النصوص، ليتفق مع ما يعتقده، ولو بالتعسف.
وكثير من الصفات التي يثبتها البخاري، مستدلاً عليها بنص من كتاب الله، أو عن رسوله، يحاولون ردها، إما بالتحريف الذي يسمونه تأويلاً، أو بدعوى الإجماع على خلافها، كما ذكر الحافظ-رحمه الله تعالى- عن ابن بطال، في قوله-صلى الله عليه وسلم -: "لا شخص أغير من الله".
قال: "أجمعت الأمة على أن الله-تعالى- لا يجوز أن يوصف بأنه شخص". (3)
(1) "شرح النووي"للبخاري (ص7) . [2] انظر: "كشف الظنون" (1/545) .
(3) انظر: "الفتح" (13/400) وسيأتي-إن شاء الله- الكلام عليه وذكر من رواه.