"قال ابن قتيبة: سمى نفسه سلاماَ؛ لسلامته مما يلحق المخلوق من العيب والنقص والفناء، وقال الخطابي: معناه ذو السلام، والسلام في صفة الله تعالى هو: الذي سلم من كل عيب، وبرأ من كل آفة ونقص يلحق المخلوقين، وقد قيل: هو الذي سلم الخلق من ظلمه"ا. هـ [1] .
قلت: هذا القول الأخير لا يخالف الذي قبله، بل كلاهما يدخل في اسمه تعالى: السلام. قال ابن كثير: "السلام من جميع العيوب والنقائص، بكماله في ذاته وصفاته وفي أفعاله" [2] .
فالسلام من الكلمات الجامعة، وحقيقته: البراءة الخلاص والنجاة من الشر والعيوب، وعلى هذا المعنى تدور تصاريف هذا اللفظ، فمن ذلك: سلمك الله، وسلم فلان من الشر، ومنه دعاء الرسل على الصراط: "اللهم سلم سلم" وسلم الشيء لفلان، أي: خلص له وحده من ضرر الشركة فيه، قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ} [3] أي: خالصاً له وحده لا يملكه معه غيره. والسلم ضد الحرب، قال تعالى: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [4] ؛ لأن كل واحد من المتحاربين يسلم من أذى الآخر ويخلص منه، والقلب السليم هو:
النقي من الغل والدغل، الذي قد سلم لله وحده، فخلص من دغل الشرك وغله، ودغل الذنوب والمخالفات، فاستقام على حب الله وحسن معاملته، ولذلك ضمن له النجاة من عذابه، والفوز بكرامته.
(1) "زاد المسير" (8/225) .
(2) "تفسير ابن كثير" (8/105) . [3] الآية 29 من سورة الزمر. [4] الآية 61 من سورة الأنفال.