العذاب وغيره، كما قال -تعالى-: {تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا} [1] ، وكذلك الإخبار عن المستقبل من المعاد، والجنة والنار، التي أطلع الله عليها رسوله فآمن بها المؤمنون، وعرفوها من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم - إجمالاً.
وأما الإحاطة بالمعلومات كلياتها وجزئياتها ما كان منها، وما يكون، فهذا إلى الله وحده لا يضاف إلى غيره من الخلق، فمن ادعى شيئاً من ذلك لغير الله -تعالى-، فقد أعظم الفرية على الله -تعالى-، وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم -.
"فعلم الغيب لله وحده، ولا يقال لغيره: عالم الغيب، ومن أطلع على شيء منه بواسطة الوحي أو غيره، يقال" أطلعه الله عليه، كالإخبار عن حال البرزخ، والحساب، والجنة والنار، وما أشبه ذلك، وما يدعيه المتصوفة في مشايخهم هو من تلاعب الشيطان بهم، وكذا ما يسمونه الكشوف لا أصل له"ا. هـ [2] .
"وقول الداودي: (ما أظن قوله: "من حدثك أن محمداً يعلم الغيب" محفوظاً، وما أحد يدعي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يعلم من الغيب إلا ما علمه الله تعالى) متعقب بأن بعض من لم يرسخ إيمانه يظن ذلك، حتى ظن بعضهم أن صحة النبوة تستلزم إطلاع النبي -صلى الله عليه وسلم - على جميع المغيبات، كما في مغازي ابن إسحاق، أن ناقة النبي -صلى الله عليه وسلم - ضلت، فقال ابن الصليب: يزعم محمد أنه نبي، ويخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم -: "إن رجلاً يقول: كذا وكذا، إني والله لا أعلم إلا ما علمني الله، وقد دلني الله عليها، وهي في شعب كذا، قد حبستها شجرة، فذهبوا فجاؤوا بها " فأخبر -صلى الله عليه وسلم - أنه [1] الآية 49 من سورة هود.
(2) "غاية الأماني" بتصرف، (1/34) .