وقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ} قال الحليمي: "معناه أنه يدرك الأشياء على ما هي عليه، وإنما وجب أن يوصف -عز اسمه- بالعالم؛ لأنه قد ثبت أن ما عداه من الموجودات فعل له، وأنه لا يمكن فعل إلا باختيار وإرادة، والفعل على هذا الوجه لا يظهر إلا من عالم، كما لا يظهر إلا من حي" [1] .
فقوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ} أي المختص بعلم الغيب، فلا يشاركه فيه أحد.
قال ابن جرير: عالم ما غاب عن أبصار خلقه، فلم يروه {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} فيعلمه أو يريه إياه {إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} فإنه يظهره على ما يشاء من ذلك [2] .
وقال القسطلاني: "عالم الغيب فلا يطلع على غيبه أحداً من خلقه إلا من ارتضى من رسول لإطلاعه على بعض الغيب؛ ليكون إخباره عن الغيب معجزة له" [3] .
وقوله: و {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} الواو ليست من الآية، إنما جاء بها للعطف.
والمعنى: أن علم وقت مجيء الساعة - الذي هو النفخ في الصور- لا يعلمه إلا الله -تعالى- وحده، فهو خاص به -تعالى- لا يشاركه فيه أحد.
قال الخازن: "ومعنى الآية: أن الله عنده علم الساعة، فلا يدري أحد من الناس متى تقوم، في أي سنة، أو أي شهر أو أي يوم، ليلاً أو نهاراً" [4] .
وقوله: {أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ} أي: أنزل القرآن، عالماً بما يترتب على إنزاله من الخير
(1) "المناهج" (1/191) .
(2) "تفسير الطبري" (29/121) .
(3) "إرشاد الساري" (10/363) .
(4) "تفسير الخازن" (5/220) .