responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح النووي على مسلم نویسنده : النووي، أبو زكريا    جلد : 6  صفحه : 71
بِلَا ضَرَرٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْحَثِّ عَلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَاجْتِنَابِ التَّعَمُّقِ وَلَيْسَ الْحَدِيثُ مُخْتَصًّا بِالصَّلَاةِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبِرِّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِيهِمَا وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَسْأَمُ حَتَّى تَسْأَمُوا وَهُمَا بِمَعْنًى قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمَلَلُ وَالسَّآمَةُ بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارَفِ فِي حَقِّنَا مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَجِبُ تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مَعْنَاهُ لَا يُعَامِلُكُمْ مُعَامَلَةَ الْمَالِّ فَيَقْطَعُ عَنْكُمْ ثَوَابَهُ وَجَزَاءَهُ وَبَسْطَ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ حَتَّى تَقْطَعُوا عَمَلَكُمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَمَلُّ إذا مللتم وقاله بن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَنْشَدُوا فِيهِ شِعْرًا قَالُوا وَمِثَالُهُ قَوْلُهُمْ فِي الْبَلِيغِ فُلَانٌ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَقْطَعَ خُصُومَهُ مَعْنَاهُ لَا يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ يَنْقَطِعُ إِذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَالُ شَفَقَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْفَتِهِ بِأُمَّتِهِ لِأَنَّهُ أَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا يُصْلِحُهُمْ وَهُوَ مَا يُمْكِنُهُمُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا ضَرَرٍ فَتَكُونُ النَّفْسُ أَنْشَطَ وَالْقَلْبُ مُنْشَرِحًا فَتَتِمُّ الْعِبَادَةُ بِخِلَافِ مَنْ تَعَاطَى مِنَ الْأَعْمَالِ مَا يَشُقُّ فَإِنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَتْرُكَهُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ يَفْعَلَهُ بِكُلْفَةٍ وَبِغَيْرِ انْشِرَاحِ الْقَلْبِ فَيَفُوتُهُ خَيْرٌ عَظِيمٌ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنِ اعْتَادَ عِبَادَةً ثُمَّ أَفْرَطَ فَقَالَ تَعَالَى وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رعايتها وَقَدْ نَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى تَرْكِهِ قَبُولَ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَخْفِيفِ الْعِبَادَةِ وَمُجَانَبَةِ التَّشْدِيدِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ دُووِمَ عَلَيْهِ وَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ دُووِمَ بِوَاوَيْنِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا دُوِمَ بِوَاوٍ وَاحِدَةٍ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْعَمَلِ وَأَنَّ قَلِيلَهُ الدَّائِمَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ يَنْقَطِعُ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ خَيْرًا مِنْ الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ لِأَنَّ بِدَوَامِ الْقَلِيلِ تَدُومُ الطَّاعَةُ وَالذِّكْرُ وَالْمُرَاقَبَةُ وَالنِّيَّةُ وَالْإِخْلَاصُ وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيُثْمِرُ الْقَلِيلُ الدَّائِمُ بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُنْقَطِعِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً

نام کتاب : شرح النووي على مسلم نویسنده : النووي، أبو زكريا    جلد : 6  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست