responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 673
الْأَحَادِيثُ مُتَظَافِرَةٌ عَلَى أَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ الْمُعْطِيَةُ، وَأَنَّ السُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ: قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا التَّفْسِيرُ نَصٌّ مِنَ الشَّارِعِ يَدْفَعُ الْخِلَافَ فِي نَوَائِلِهِ، وَادَّعَى أَبُو الْعَبَّاسِ الدَّانِي فِي أَطْرَافِ الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ مُدْرَجٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُسْتَنَدًا، نَعَمْ فِي الصَّحَابَةِ لِلْعَسْكَرِيِّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ انْقِطَاعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ: «إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَلَا أَحْسَبُ الْيَدَ السُّفْلَى إِلَّا السَّائِلَةَ، وَلَا الْعُلْيَا إِلَّا الْمُعْطِيَةَ» ، فَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ التَّفْسِيرَ مِنِ ابْنِ عُمَرَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ، لَكِنْ يُؤَيَّدُ لِرَفْعِ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ، وَقِيلَ: الْيَدُ السُّفْلَى الْآخِذَةُ سَوَاءٌ كَانَ بِسُؤَالٍ، وَبِلَا سُؤَالٍ، وَقَوَّاهُ قَوْمٌ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدِ اللَّهِ قَبْلَ يَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: التَّحْقِيقُ أَنَّ السُّفْلَى يَدُ السَّائِلِ، وَأَمَّا يَدُ الْآخِذِ فَلَا ; لِأَنَّ يَدَ اللَّهِ هِيَ الْمُعْطِيَةُ، وَهِيَ الْآخِذَةُ، وَكِلْتَاهُمَا يَمِينٌ وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ الْبَحْثَ إِنَّمَا هُوَ فِي أَيْدِي الْآدَمِيِّينَ، أَمَّا يَدُ اللَّهِ فَبِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَالِكَ كُلِّ شَيْءٍ نُسِبَتْ يَدُهُ إِلَى الْإِعْطَاءِ، وَبِاعْتِبَارِ قَبُولِهِ لِلصَّدَقَةِ وَرِضَاهُ بِهَا، نُسِبَتْ إِلَى الْأَخْذِ، وَيَدُهُ الْعُلْيَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا يَدُ الْآدَمِيِّ فَأَرْبَعَةٌ: يَدُ الْمُعْطِي وَقَدْ تَظَافَرَتِ الْأَخْبَارُ بِأَنَّهَا عُلْيَا، وَيَدُ السَّائِلِ وَقَدْ تَظَافَرَتِ الْأَحَادِيثُ بِأَنَّهَا السُّفْلَى، سَوَاءٌ أَخَذَتْ أَمْ لَا، وَهَذَا مُوَافِقٌ بِكَيْفِيَّةِ الْإِعْطَاءِ وَالْأَخْذِ غَالِبًا.
ثَالِثُهَا: يَدُ الْمُتَعَفِّفِ عَنِ الْأَخْذِ وَلَوْ بَعْدَ مَدِّ يَدِ الْمُعْطِي مَثَلًا، وَهَذِهِ تُوصَفُ بِأَنَّهَا عُلْيَا عُلُوًّا اعْتِبَارِيًّا، رَابِعُهَا: يَدُ الْآخِذِ بِلَا سُؤَالٍ، وَاخْتُلِفَ فِيهَا فَذَهَبَ جَمْعٌ إِلَى أَنَّهَا سُفْلَى نَظَرًا إِلَى الْمَحْسُوسِ، وَأَمَّا الْمَعْنَوِيُّ فَلَا يَطَّرِدُ فَقَدْ تَكُونُ عُلْيَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهَا عُلْيَا.
وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: الْعُلْيَا الْمُعْطِيَةُ، وَالسُّفْلَى الْمَانِعَةُ، وَلَمْ يُوَافَقْ عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَ آخَرُونَ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ أَنَّ الْيَدَ الْآخِذَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْمُعْطِيَةِ مُطْلَقًا، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَمَا أَرَى هَؤُلَاءِ إِلَّا قَوْمًا اسْتَطَابُوا السُّؤَالَ، فَهُمْ يَحْتَجُّونَ لِلدَّنَاءَةِ، وَلَوْ جَازَ هَذَا لَكَانَ الْمَوْلَى مِنْ فَوْقُ هُوَ الَّذِي كَانَ رَقِيقًا فَأُعْتِقُ، وَالْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلَ هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي أَعْتَقَ، وَفِي مَطْلَعِ الْفَوَائِدِ لِلْعَلَّامَةِ جَمَالِ الدِّينِ بْنِ نُبَاتَةَ فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ مَعْنًى آخَرَ أَنَّ الْيَدَ هُنَا النِّعْمَةُ، فَكَانَ الْمَعْنَى: الْعَطِيَّةُ الْجَزِيلَةُ خَيْرٌ مِنَ الْعَطِيَّةِ الْقَلِيلَةِ، فَهَذَا حَثٌّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ بِأَوْجَزِ لَفْظٍ، وَيَشْهَدُ لَهُ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ فِي قَوْلِهِ: مَا أَبْقَتْ غِنًى، أَيْ مَا حَصَلَ بِهِ لِلسَّائِلِ غِنًى عَنْ سُؤَالِهِ، كَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفٍ، فَلَوْ أَعْطَاهَا لِمِائَةِ إِنْسَانٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمِ الْغِنَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْطَاهَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِ الْيَدِ عَلَى الْجَارِحَةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَمِرُّ، إِذْ قَدْ يَأْخُذُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنْ يُعْطِي.
قُلْتُ: التَّفَاضُلُ هُنَا يَرْجِعُ إِلَى الْإِعْطَاءِ وَالْأَخْذِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْطِي أَفْضَلَ مِنَ الْآخِذِ عَلَى

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 673
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست