responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 652
الرِّضَا عَنِ الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِهِ، وَالْأَمْرُ بِهِ يَسْتَلْزِمُ الرِّضَا، فَهُوَ كِنَايَةٌ، وَكَذَا الْكَلَامُ فِي السُّخْطِ، وَأَتَى بِاللَّامِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَمْ يَقُلْ: يَرْضَى عَنْكُمْ بِثَلَاثٍ، وَيَسْخَطُ مِنْكُمْ رَمَزًا إِلَى أَنَّ فَائِدَةَ كُلٍّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ عَائِدَةٌ إِلَى عِبَادِهِ (يَرْضَى) ، فَصَلَهُ جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، اقْتَضَاهُ الْكَلَامُ، كَأَنَّهُ قِيلَ مَا الثَّلَاثُ؟ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فَيَرْضَى بِفَاءِ التَّفْسِيرِ (لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) ; لِأَنَّ مَنْ أَشْرَكَ بِعِبَادَتِهِ أَحَدًا، لَمْ يَعْبُدْهُ، فَهَذِهِ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ " ثِنْتَانِ " مُتَعَقَّبٌ.
(وَ) الثَّانِيَةُ: (أَنْ تَعْتَصِمُوا) : تَتَمَسَّكُوا (بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا) ، زَادَ فِي رِوَايَةٍ: " وَلَا تَفَرَّقُوا "، أَيْ لَا تَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ الِاعْتِصَامِ، كَمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكِتَابِ، فَهُوَ نَفْيٌ عُطِفَ عَلَى " تَعْتَصِمُوا "، أَوْ هُوَ نَهْيٌ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ قَبْلَهُ بِمَعْنَى الْأَمْرِ، أَيِ اعْتَصِمُوا، وَلَا تَفَرَّقُوا.
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِحَبْلِ اللَّهِ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ الْقُرْآنُ وَرُجِّحَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ» "، وَفِي لَفْظٍ: " «الْقُرْآنُ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ» "، حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ تَفْسِيرَهُ بِخِلَافِهِ غَفْلَةٌ، إِذْ لَا عِطْرَ بَعْدَ عَرُوسٍ.
وَعَنْ قَتَادَةَ أَيْضًا، وَغَيْرُهُ: هُوَ عَهْدُ اللَّهِ وَأَمْرُهُ.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ الْجَمَاعَةُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْحَدِيثِ، وَالْأَشْبَهُ بِسِيَاقِهِ.
وَأَمَّا الْقُرْآنُ، فَمَأْمُورٌ بِالِاعْتِصَامِ بِهِ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ، وَغَيْرِ مَا حَدِيثٍ، أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْجَمَاعَةُ عَلَى إِمَامٍ يُسْمَعُ لَهُ وَيُطَاعُ، فَيَكُونُ وَلِيَّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ فِي نِكَاحٍ، وَتَقْدِيمِ قَضَائِهِ لِلْعَقْدِ عَلَى أَيْتَامٍ، وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ، وَيُقِيمُ الْجُمُعَةَ، وَالْعِيدَ، وَيَأْمَنُ بِهِ السُّبُلَ، وَيَنْتَصِفُ بِهِ الْمَظْلُومُ، وَيُجَاهِدُ عَنِ الْأُمَّةِ عَدُوَّهَا، وَيَقْسِمُ بَيْنَهُمَا فِيهِمَا ; لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ وَالْفُرْقَةَ هَلَكَةٌ، وَالْجَمَاعَةَ نَجَاةٌ، قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي مَعْنًى مُتَدَاخِلٌ مُتَقَارِبٌ ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ يَأْمُرُ بِالْأُلْفَةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْفُرْقَةِ.
(وَ) الثَّالِثَةُ: (أَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ) ، وَهُوَ الْإِمَامُ، وَنُوَّابُهُ بِمُعَاوَنَتِهِمْ عَلَى الْحَقِّ، وَطَاعَتِهِ فِيهِ، وَأَمْرِهِمْ بِهِ، وَتَذْكِيرِهِمْ بِرِفْقٍ وَلُطْفٍ، وَإِعْلَامِهِمْ بِمَا غَفَلُوا عَنْهُ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ، وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ، وَبِتَأَلُّفِ قُلُوبِ النَّاسِ لِطَاعَتِهِمْ، وَالصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ، وَالْجِهَادِ مَعَهُمْ، وَأَدَاءِ الصَّدَقَاتِ لَهُمْ، وَأَنْ لَا يُطْرُوا بِالثَّنَاءِ الْكَاذِبِ، وَأَنْ يُدْعَى لَهُمْ بِالصَّلَاحِ، وَقِيلَ: هُمُ الْعُلَمَاءُ، فَنَصِيحَتُهُمْ قَبُولُ مَا رَوَوْهُ، وَتَقْلِيدُهُمْ فِي الْأَحْكَامِ، وَإِحْسَانُ الظَّنِّ بِهِمْ.
(وَيَسْخَطُ) ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَيَكْرَهُ (لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ) ، قَالَ مَالِكٌ: هُوَ الْإِكْثَارُ مِنَ الْكَلَامِ نَحْوِ قَوْلِ النَّاسِ: قَالَ فُلَانٌ، وَفَعَلَ فُلَانٌ، وَالْخَوْضُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي، فَهُمَا مَصْدَرَانِ أُرِيدَ بِهِمَا الْمُقَاوَلَةُ، وَالْخَوْضُ فِي أَخْبَارِ النَّاسِ، وَقِيلَ: فِعْلَانِ مَاضِيَانِ.
(وَإِضَاعَةَ الْمَالِ) بِصَرْفِهِ فِي غَيْرِ وُجُوهِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ إِفْسَادٌ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ; لِأَنَّهُ إِذَا ضَاعَ مَالُهُ، تَعَرَّضَ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ.
وَحَكَى أَبُو عُمَرَ فِي مَعْنَاهُ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 652
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست