responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 630
طَاعَةُ رَبِّهِ فِي الْعِبَادَةِ، وَطَاعَةُ سَيِّدِهِ فِي الْمَعْرُوفِ، فَقَامَ بِهِمَا جَمِيعًا كَانَ لَهُ ضِعْفَا أَجْرِ الْمُطِيعِ بِطَاعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ سَاوَاهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَفُضِّلَ عَلَيْهِ بِطَاعَةِ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ.
قَالَ: وَمِنْ هُنَا أَقُولُ: إِنَّ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَرْضَانِ فَأَدَّاهُمَا أَفْضَلَ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا فَرْضٌ وَاحِدٌ فَأَدَّاهُ، كَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ وَزَكَاةٌ، فَقَامَ بِهِمَا، فَهُوَ أَفْضَلُ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فَقَطْ، وَبِمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنِ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ فُرُوضٌ فَلَمْ يُؤَدِّ مِنْهَا شَيْئًا، كَانَ عِصْيَانُهُ أَكْبَرَ مِنْ عِصْيَانِ مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْضُهَا، انْتَهَى، مُلَخَّصًا.
قَالَ الْحَافِظُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَزِيدَ الْفَضْلِ لِلْعَبْدِ الْمَوْصُوفِ بِالصِّفَتَيْنِ، لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ مَشَقَّةِ الرِّقِّ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ التَّضْعِيفُ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ جِهَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَخْتَصَّ الْعَبْدُ بِذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ يُضَاعَفُ لَهُ، وَقِيلَ: سَبَبُ التَّضْعِيفِ أَنَّهُ ازْدَادَ لِسَيِّدِهِ نُصْحًا، وَفِي عِبَادَةِ اللَّهِ إِحْسَانًا، فَكَانَ لَهُ أَجْرُ الْوَاجِبَيْنِ، وَأَجْرُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُ هَذَا وَأَنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ، لِئَلَّا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْجُورٍ عَلَى الْعُبُودِيَّةِ، وَمَا ادَّعَى أَنَّهُ الظَّاهِرُ لَا يُنَافِي مَا نَقَلَهُ قَبْلَهُ، فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ أَنَّ أَجْرَ الْمَمَالِيكِ ضِعْفُ أَجْرِ السَّادَاتِ، أَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ: بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ، أَوْ يَكُونُ أَجْرُهُ مُضَاعَفًا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَقَدْ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ جِهَاتٌ أُخَرُ يَسْتَحِقُّ بِهَا أَضْعَافَ أَجْرِ الْعَبْدِ، أَوِ الْمُرَادُ تَرْجِيحُ الْعَبْدِ الْمُؤَدِّي لِلْحَقَّيْنِ عَلَى الْعَبْدِ الْمُؤَدِّي لِأَحَدِهِمَا، قَالَ الْحَافِظُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَضْعِيفُ الْأَجْرِ مُخْتَصًّا بِالْعَمَلِ الَّذِي يَتَّحِدُ فِيهِ طَاعَةُ اللَّهِ، وَطَاعَةُ السَّيِّدِ فَيَعْمَلُ عَمَلًا وَاحِدًا، وَيُؤْجَرُ عَلَيْهِ أَجْرَيْنِ بِالْاعْتَبَارَيْنِ.
وَأَمَّا الْعَمَلُ الْمُخْتَلِفُ الْجِهَةِ، فَلَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِتَضْعِيفِ الْأَجْرِ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأَحْرَارِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا جِهَادَ عَلَيْهِ، وَلَا حَجَّ فِي حَالِ الْعُبُودِيَّةِ، وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُ، وَفِيهِ إِطْلَاقُ السَّيِّدِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ نَحْوُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» "، وَحَدِيثِ: " «سَيِّدُكُمْ عَمْرُو بْنُ الْجُمُوحِ» "، وَفِي أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ النَّهْيُ عَنْ إِطْلَاقِ السَّيِّدِ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَالِكِ، وَالْإِذْنِ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَأْخُذُ بِهَذَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُخَاطِبَهُ أَحَدٌ، أَوْ يَكْتُبَ لَفْظَ سَيِّدٍ، وَيَتَأَكَّدَ إِذَا كَانَ الْمُخَاطِبُ غَيْرَ تَقِيٍّ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ» "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَمُسْلِمٌ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ عَنْ يَحْيَى، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي مَنْ يُؤْتَى أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ جَمَعَ مِنْهَا الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ نَظَمَهَا فِي قَوْلِهِ:
وَجَمْعٌ أَتَى فِيمَا رَوَيْنَاهُ أَنَّهُمْ ... يُثْنَّى لَهُمْ أَجْرٌ حَوَوْهُ مُحَقَّقَا
فَأَزْوَاجُ خَيْرِ الْخَلْقِ أَوَّلُهُمْ وَمَنْ ... عَلَى زَوْجِهَا أَوْ لِلْقَرِيبِ تَصَدَّقَا
وَقَارٍ بِجُهْدٍ وَاجْتِهَادٍ أَصَابَ وَالْـ ... وُضُوءُ اثْنَتَيْنِ وَالْكِتَابِيُّ صَدَّقَا
وَعَبْدٌ أَتَى حَقَّ الْإِلَهِ وَسَيِّدٍ وَعَابِرٌ ... يُسَرُّ مَعَ غَنِيِّ لَهُ تُقَى

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 630
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست