responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 619
الْأَكْثَرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، أَيْ: لَا احْتِجَاجَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ.
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الرَّاكِبُ) الْوَاحِدُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَفِي مَعْنَاهُ الرَّاجِلُ الْوَاحِدُ، (شَيْطَانٌ) ، أَيْ: بَعِيدٌ عَنِ الْخَيْرِ فِي الْأُنْسِ وَالرِّفْقِ، وَهَذَا أَصْلُ الْكَلِمَةِ لُغَةً، يُقَالُ: بِئْرٌ شَطُونٌ، أَيْ: بَعِيدَةٌ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: بِمَعْنَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يَطْمَعُ فِي الْوَاحِدِ، كَمَا يَطْمَعُ فِيهِ اللِّصُّ، وَالسَّبُعُ، فَإِذَا خَرَجَ وَحْدَهُ، فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْبَلَاءِ بِهِ، فَكَانَ شَيْطَانًا.
( «وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ» ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُتَعَرِّضٌ لِذَلِكَ، سُمِّيَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَبِيلَيْنِ يَسْلُكُ سَبِيلَ الشَّيْطَانِ فِي اخْتِيَارِهِ الْوَحْدَةُ فِي السَّفَرِ.
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: شَيْطَانٌ، أَيْ: عَاصٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112] (سورة الْأَنْعَامِ: الْآيَةُ 112) ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ عُصَاتُهُمْ.
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: سُمِّيَ الْوَاحِدُ وَالْاثْنَيْنِ شَيْطَانًا لِمُخَالَفَةِ النَّهْيِ عَنِ التَّوَحُّدِ فِي السَّفَرِ، وَالتَّعَرُّضِ لِلْآفَاتِ الَّتِي لَا تَنْدَفِعُ إِلَّا بِالْكَثْرَةِ، وَلِأَنَّ الْمُسَافِرَ تَنْبُو عَنْهُ الْجَمَاعَةُ، وَتَعْسُرُ عَلَيْهِ الْمَعِيشَةُ، وَلَعَلَّ الْمَوْتَ يُدْرِكُهُ فَلَا يَجِدُ مَنْ يُوصِي إِلَيْهِ بِإِيفَاءِ دُيُونِ النَّاسِ، وَأَمَانَاتِهِمْ، وَسَائِرِ مَا يَجِبُ، أَوْ يُسَنُّ عَلَى الْمُحْتَضِرِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مِنْ يَقُومُ بِتَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ.
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: هَذَا زَجْرُ أَدَبٍ وَإِرْشَادٍ لِمَا يَخَافُ عَلَى الْوَاحِدِ مِنَ الْوَحْشَةِ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، فَالسَّائِرُ وَحْدَهُ بِفَلَاةٍ وَالْبَايِتُ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ، لَا يَأْمَنُ الِاسْتِيحَاشَ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ ذَا فِكْرَةٍ رِدِيَّةٍ، وَقَلْبٍ ضَعِيفٍ، وَالْحَقُّ أَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي ذَلِكَ، فَوَقَعَ الزَّجْرُ لِحَسْمِ الْمَادَّةِ، فَيُكْرَهُ الِانْفِرَادُ سَدًّا لِلْبَابِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي الِاثْنَيْنِ أَخَفُّ مِنْهَا فِي الْوَاحِدِ.
وَعَنْ مَالِكٍ: أَنَّ ذَلِكَ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ، فَأَمَّا مَنْ قَصُرَ عَنْهُ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْفَرِدَ الْوَاحِدُ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: لَمْ تَخْتَلِفِ الْآثَارُ فِي كَرَاهَةِ السَّفَرِ لِلْوَاحِدِ، وَاخْتُلِفَ فِي الِاثْنَيْنِ، وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّ الْوَاحِدَ إِنْ مَرِضَ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُمَرِّضُهُ، وَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ، وَلَا يُخْبِرُ عَنْهُ وَنَحْوُ هَذَا.
(وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ) لِزَوَالِ الْوَحْشَةِ، وَحُصُولِ الْأُنْسِ، وَانْقِطَاعِ الْأَطْمَاعِ عَنْهُمْ، وَخُرُوجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَبِي بَكْرٍ مُهَاجِرِينَ لِضَرُورَةِ الْخَوْفِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، أَوْ لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَمُ كَرَاهَةِ الِانْفِرَادِ فِي السَّفَرِ وَحْدَهُ، لِأَمْنِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ.
وَأَنْكَرَ مُجَاهِدٌ رَفْعَ الْحَدِيثِ وَقَالَ: لَمْ يَقُلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَعَثَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَخَبَّابَ بْنَ الْأَرَتِّ سِرِّيَّةً، وَبَعْثَ دِحْيَةَ سِرِّيَّةً وَحْدَهُ، وَلَكِنْ قَالَ عُمَرُ يَحْتَاطُ لِلْمُسْلِمِينَ: كُونُوا فِي أَسْفَارِكُمْ ثَلَاثَةً، إِنْ مَاتَ وَاحِدٌ وَلِيَهُ اثْنَانِ، الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ وَالِاثْنَانِ شَيْطَانَانِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ: لَا مَعْنَى لِإِنْكَارِهِ؛ لِأَنَّ الثِّقَاتَ نَقَلُوهُ مَرْفُوعًا، انْتَهَى.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرْسَلَ الْبَرِيدَ وَحْدَهُ لِضَرُورَةِ طَلَبِ السُّرْعَةِ فِي إِبْلَاغِ مَا أُرْسِلَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَنْضَمَّ فِي الطَّرِيقِ بِالرُّفَقَاءِ، وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَغَيْرُهُمَا.

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 619
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست