responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 543
لِلْكَعْبَةِ بَيْتُ اللَّهِ مَعَ أَنَّ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا مِلْكُهُ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ كَرَامَتُهُ وَرَحْمَتُهُ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ فِي ظِلِّ الْمَلِكِ، وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ، وَقَوَّاهُ عِيَاضٌ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ ظِلُّ عَرْشِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَلْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: " «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ» "، وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ اسْتَلْزَمَ كَوْنَهُمْ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ فَهُوَ أَرْجَحُ، وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ، وَيُؤَيِّدُهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْحُدُودِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ ظِلُّ طُوبَى، أَوْ ظِلُّ الْجَنَّةِ ; لِأَنَّ ظِلَّهُمَا إِنَّمَا يَحْصُلُ لَهُمْ بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ فِي الْجَنَّةِ، ثُمَّ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ لِجَمِيعِ مَنْ يَدْخُلُهَا، وَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَى امْتِيَازِ أَصْحَابِ الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ، فَتَرَجَّحَ أَنَّ الْمُرَادَ ظِلُّ الْعَرْشِ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: " «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِمَامٌ عَادِلٌ» " قَالَهُ الْحَافِظُ.
(يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ) ، أَيْ ظِلُّ عَرْشِهِ كَمَا عُلِمَ، وَالْإِضَافَةُ لِلتَّشْرِيفِ كَنَاقَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنِ الظِّلِّ إِذْ هُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْأَجْسَامِ، (إِمَامٌ عَادِلٌ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْعَدْلِ، كَمَا رَوَاهُ وَالْأَكْثَرُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَنْ كَانَ فِي إِخْوَانِهِ غَيْرَ عَادِلٍ ... فَمَا أَحَدٌ فِي الْعَدْلِ مِنْهُ بِطَامِعِ
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ: عَدْلٌ، وَهُوَ أَبْلَغُ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُسَمَّى نَفْسَهُ عَدْلًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ الَّذِي يَتَّبِعُ أَمْرَ اللَّهِ بِوَضْعِ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ بِغَيْرِ إِفْرَاطٍ، وَلَا تَفْرِيطٍ، أَوِ الْجَامِعُ لِلْكَمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ: الْحِكْمَةُ وَالشَّجَاعَةُ وَالْعِفَّةُ الَّتِي هُوَ أَوْسَاطُ الْقُوَى الثَّلَاثَةِ: الْعَقْلِيَّةُ، وَالْغَضَبِيَّةُ، وَالشَّهْوَانِيَّةُ، وَالْمُرَادُ بِهِ صَاحِبُ الْوِلَايَةِ الْعُظْمَى، وَيَلْتَحِقُ بِهِ كُلُّ مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَعَدَلَ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَرَفَعَهُ: " «أَنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِهِمْ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ وَمَا وَلُوا» "، وَقَدَّمَهُ فِي الذِّكْرِ لِأَنَّ نَفْعَهُ أَعَمُّ.
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْإِمَامُ الْعَادِلُ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُ» "، (وَشَابٌّ نَشَأَ) نَبَتَ وَابْتَدَأَ (فِي عِبَادَةِ اللَّهِ) ، أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَبْوَةٌ، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ.
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: " بِعِبَادَةِ اللَّهِ "، بِالْبَاءِ بِمَعْنَى فِي، زَادَ فِي رِوَايَةِ الْجَوْزَقِيِّ: حَتَّى تُوُفِّيَ عَلَى ذَلِكَ.
وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ: " أَفْنَى شَبَابَهُ، وَنَشَاطَهُ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ "، وَخَصَّ الشَّبَابَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْبَاعِثِ عَلَى مُتَابَعَةِ الْهَوَى، فَإِنَّ مُلَازَمَةَ الْعِبَادَةِ مَعَ ذَلِكَ أَشَدُّ، وَأَدَلُّ عَلَى غَلَبَةِ التَّقْوَى.
( «وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ» ) بِفَوْقِيَّةٍ بَعْدَ الْمِيمِ، وَكَسْرِ اللَّامِ، مِنَ الْعَلَاقَةِ، وَهِيَ شِدَّةُ الْحُبِّ (بِالْمَسْجِدِ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ) ، زَادَ فِي

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 543
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست