responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 5
يُجَرِّحُ وَيُعَدِّلُ بِعِلْمِهِ.
(فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ) بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْبَاطِنِ. وَفِي رِوَايَةٍ: بِحَقِّ مُسْلِمٍ، وَذَكَرَهُ لِيَكُونَ أَهْوَلَ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ لِأَنَّ وَعِيدَ غَيْرِهِ مَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ، فَذَكَرَ الْمُسْلِمَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ فِي حَقِّهِ أَشَدُّ وَإِنْ كَانَ الذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ كَذَلِكَ. (فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ) أَيْ مَآلُهُ إِلَى النَّارِ، فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي حُصُولِ النَّارِ لَهُ، فَهُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10] (سورة النِّسَاءِ: الْآيَةُ 10) قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذِهِ قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ لَا تَسْتَدْعِي وُجُودَهَا، بَلْ مَعْنَاهَا بَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزُ الْوُقُوعِ، قَالَ: وَلَمْ يَثْبُتْ لَنَا قَطُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ بِحُكْمٍ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ، لَا بِسَبَبِ تَبَيُّنِ حُجَّةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا، وَقَدْ صَانَ اللَّهُ أَحْكَامَ نَبِيِّهِ عَنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَحْذُورٌ. وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ: فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ لِلتَّخَيُّرِ بَلْ لِلتَّهْدِيدِ كَقَوْلِهِ: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] (سورة الْكَهْفِ: الْآيَةُ 29) وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: هُوَ خِطَابٌ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ هَلْ هُوَ مُحِقٌّ أَوْ مُبْطِلٌ؟ فَإِنْ كَانَ مُحِقًّا فَلْيَأْخُذْ وَإِنْ كَانَ مُبْطِلًا فَلْيَتْرُكْ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَنْقُلُ الْأَصْلَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ قَوِيَّةٌ لِمَذْهَبِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَالْجُمْهُورِ: أَنَّ الْحُكْمَ فِي مَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ لَا يُحِلُّ الْحَرَامَ وَلَا عَكْسُهُ، فَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَا زُورٍ لِإِنْسَانٍ بِمَالٍ فَحَكَمَ بِهِ الْقَاضِي لِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ الْمَالُ، وَإِنْ شَهِدَا بِقَتْلٍ لَمْ يَحِلَّ لِلْوَلِيِّ قَتْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا، وَإِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ لَمْ يَحِلَّ لِمَنْ عَلِمَ كَذِبَهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُحِلُّ الْحَرَامَ فِي الْعُقُودِ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ، فَإِذَا ادَّعَتِ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَأَقَامَتْ شَاهِدَيْ زُورٍ، حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَادَّعَاهُ الرَّجُلُ وَهِيَ تَجْحَدُ أَوْ تَعَمَّدَ رَجُلَانِ شَهَادَةَ الزُّورِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَيَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ تَزَوُّجُهَا مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِهِ وَأَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يُطَلِّقْهَا ; لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَمَّا أَحَلَّهَا لِلْأَزْوَاجِ إِجْمَاعًا كَانَ الشُّهُودُ وَغَيْرُهُمْ سَوَاءً وَهَذَا بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحِ، فَمِنْ حَقِّ الرَّجُلِ عِصْمَةُ زَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يُطَلِّقْهَا، وَخِلَافُ الْإِجْمَاعِ مِنْ قَبْلِهِ، وَمُخَالِفٌ لِقَاعِدَةٍ اتَّفَقَ هُوَ وَغَيْرُهُ عَلَيْهَا وَهِيَ أَنَّ الْأَبْضَاعَ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ مِنَ الْأَمْوَالِ. هَذَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مُلَخِّصًا لِكَلَامِ مَنْ تَقَدَّمَهُ كَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَاجِيِّ وَعِيَاضٍ وَغَيْرِهِمْ: مَعْنَى الْحَدِيثِ التَّنْبِيهُ عَلَى حَالَةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَأَنَّ الْبَشَرَ لَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْغَيْبِ وَبَوَاطِنِ الْأَمْرِ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يُطْلِعَهُمُ اللَّهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ فِي أُمُورِ الْأَحْكَامِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الظَّاهِرِ مَعَ إِمْكَانِ أَنَّهُ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهِ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا كُلِّفَ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَطْلَعَهُ عَلَى بَاطِنِ أَمْرِ الْخَصْمَيْنِ فَحَكَمَ فِيهِ بِيَقِينِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى شَهَادَةٍ أَوْ يَمِينٍ، وَلَكِنْ لَمَّا

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست