responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 483
فِي الصَّحِيحَيْنِ، أَيْ جَعَلَهُ رَيَّانَ، (فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ) ، أَثْنَى عَلَيْهِ، أَوْ قَبِلَ عَمَلَهُ ذَلِكَ، أَوْ أَظْهَرَ مَا جَازَاهُ بِهِ عِنْدَ مَلَائِكَتِهِ.
(فَغَفَرَ لَهُ) ، الْفَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَيْ بِسَبَبِ قَبُولِهِ غَفَرَ لَهُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ دِينَارٍ بَدَلَهُ: " فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ "، (فَقَالُوا) : أَيِ الصَّحَابَةُ، وَسُمِّيَ مِنْهُمْ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَابْنِ حِبَّانَ (يَا رَسُولَ اللَّهِ) الْأَمْرُ كَمَا قُلْتَ، (وَإِنَّ لَنَا فِي) سَقْيِ (الْبَهَائِمِ) ، أَوْ فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهَا (لَأَجْرًا) ثَوَابًا؟ (فَقَالَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فِي كُلِّ كَبِدٍ) - بِفَتْحِ الْكَافِ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ - وَيَجُوزُ سُكُونُهَا، وَكَسْرُ الْكَافِ، وَسُكُونُ الْمُوَحَّدَةِ -: رَطْبَةٍ بِرُطُوبَةِ الْحَيَاةِ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ، أَوْ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ لَازِمَةٌ لِلْحَيَاةِ فَيَكُونُ كِنَايَةً عَنْهَا، أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ وَصْفِ الشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّى لِمَنْ سَقَاهَا حَتَّى تَصِيرَ رَطْبَةً (أَجْرٌ) بِالرَّفْعِ، مُبْتَدَأٌ قُدِّمَ خَبَرُهُ، أَيْ حَاصِلٌ وَكَائِنٌ فِي إِرْوَاءِ كُلِّ ذِي كَبِدٍ حَيَّةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ " فِي " سَبَبِيَّةٌ كَقَوْلِكَ: فِي النَّفْسِ الدِّيَةُ، قَالَ الدَّاوُدِيُّ: الْمَعْنَى: فِي كُلِّ كَبِدٍ حَيٍّ، وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانِ، قَالَ الْأُبِّيُّ: حَتَّى الْكَافِرُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8] (سورة الْإِنْسَانِ: الْآيَةُ 8) ; لِأَنَّ الْأَسِيرَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَغْلَبِ كَافِرًا، انْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ: هَذَا الْحَدِيثُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَقَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، وَقَوْلُهُ: فِي كُلِّ كَبِدٍ، مَخْصُوصٌ بِبَعْضِ الْبَهَائِمِ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ ; لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِقَتْلِهِ كَالْخِنْزِيرِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْوَى لِيَزْدَادَ ضَرَرُهُ، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ: عُمُومُهُ مَخْصُوصٌ بِالْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ، وَهُوَ مِمَّا لَمْ يُؤْمَرُ بِقَتْلِهِ فَيَحْصُلُ الثَّوَابُ بِسَقْيِهِ، وَيَلْتَحِقُ بِهِ إِطْعَامُهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْإِحْسَانِ.
وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: لَا يَمْنَعُ إِجْرَاؤُهُ عَلَى عُمُومِهِ، يَعْنِي: فَيَسْقِي، ثُمَّ يَقْتُلُ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِأَنْ نُحْسِنَ الْقِتْلَةَ، وَنُهِينَا عَنِ الْمُثْلَةِ، وَفِيهِ جَوَازُ حَفْرِ الْآبَارِ فِي الصَّحْرَاءِ لِانْتِفَاعِ عَطْشَانَ وَغَيْرِهِ بِهَا.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ سَاغَ مَعَ مَظِنَّةِ الِاسْتِضْرَارِ بِهَا مِنْ سَاقِطٍ بِلَيْلٍ، أَوْ وُقُوعِ بَهِيمَةٍ، وَنَحْوِهَا فِيهَا؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ أَكْثَرَ وَمُتَحَقِّقَةً، وَالِاسْتِضْرَارُ نَادِرًا، أَوْ مَظْنُونًا غَلَبَ الِانْتِفَاعُ، وَسَقَطَ الضَّمَانُ، فَكَانَتْ جُبَارًا، فَلَوْ تَحَقَّقَتِ الضَّرُورَةُ لَمْ يَجُزْ، وَضَمِنَ الْحَافِرُ، وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْإِحْسَانِ وَأَنَّ سَقْيَ الْمَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الشُّرْبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَفِي الْمَظَالِمِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، وَفِي الْأَدَبِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَمُسْلِمٌ فِي الْحَيَوَانِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْجِهَادِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 483
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست