responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 481
وَحَدِيثُ الصَّحِيحِ مَرْفُوعًا: " «إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ» "، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَيْنِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا بِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ حَتَّى كَانَتِ الْمُوَاسَاةُ وَاجِبَةً، أَوْ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِقِلَّةِ الْأَزْوَادِ، ثُمَّ نُسِخَ، وَبِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُضْطَرِّينَ، فَإِنَّ ضِيَافَتَهُمْ وَاجِبَةٌ مِنْ حَيْثُ الِاضْطِرَارِ، أَوْ مَخْصُوصٌ بِالْعُمَّالِ الَّذِينَ يَبْعَثُهُمُ الْإِمَامُ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ، أَوِ الْكَلَامُ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةُ الْمَارَّةِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهَا أَهْلُ الْحَضَرِ وَالْبَادِيَةِ.
وَعِنْدَ مَالِكٍ وَسَحْنُونٍ: إِنَّمَا هِيَ عَلَى أَهْلِ الْبَوَادِي، لَا عَلَى أَهْلِ الْحَضَرِ لِوُجُودِ الْفَنَادِقِ وَغَيْرِهَا لِلنُّزُولِ فِيهَا، وَوُجُودِ الطَّعَامِ لِلْبَيْعِ فِيهَا.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا يَحْصُلُ الِامْتِثَالُ إِلَّا بِالْقِيَامِ بِكِفَايَتِهِ، فَلَوْ أَطْعَمَهُ بَعْضَ كِفَايَتِهِ لَمْ يُكْرِمْهُ لِانْتِفَاءِ جُزْءِ الْإِكْرَامِ، وَإِذَا انْتَفَى جُزْؤُهُ انْتَفَى كُلُّهُ.
وَفِي كِتَابِ الْمُنْتَخَبِ مِنَ الْفِرْدَوْسِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: " «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ مَعَ الضَّيْفِ، فَلْيُلْقِمْهُ بِيَدِهِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ بِهِ عَمَلُ سَنَةٍ صِيَامُ نَهَارِهَا، وَقِيَامُ لَيْلِهَا» "، وَمِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ: مِنْ إِكْرَامِ الضَّيْفِ أَنْ يَضَعَ لَهُ مَا يَغْسِلُ بِهِ حِينَ يَدْخُلُ الْمَنْزِلَ، وَمِنْ إِكْرَامِهِ أَنْ يُرْكِبَهُ إِذَا انْقَلَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ إِنْ كَانَ بَعِيدًا، وَأَنْ يَجْلِسَ تَحْتَهُ.
وَرَوَى ابْنُ شَاهِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِرَفْعِهِ: " «مَنْ أَطْعَمَ أَخَاهُ لُقْمَةَ حَلْوَةٍ، لَمْ يَذُقْ مَرَارَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ» "، هَذَا وَمَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ فِيمَنْ وَجَدَ فَاضِلًا عَنْ مَنْ يُمَوِّنُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَعَلَى زَوْجَتِهِ بِإِيثَارِهِمَا الضَّيْفَ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَصِبْيَانِهِمَا حَيْثُ نَوَّمَتْهُمْ أُمُّهُمْ حَتَّى أَكَلَ الضَّيْفُ، فَأُجِيبَ عَنْ ظَاهِرِهِ مِنْ تَقْدِيمِ الضَّيْفِ عَلَى حَاجَةِ الصِّبْيَانِ بِأَنَّهُمْ لَمْ تَشْتَدَّ حَاجَتُهُمْ لِلْأَكْلِ، وَإِنَّمَا خَافَ أَبَوَاهُمَا أَنَّ الطَّعَامَ لَوْ قُدِّمَ لِلضَّيْفِ وَهُمْ مُنْتَبِهُونَ لَمْ يَصْبِرُوا عَلَى الْأَكْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا جِيَاعًا.
وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ تَجْمَعُ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ الْفِعْلِيَّةَ وَالْقَوْلِيَّةَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَامِلَ الْإِيمَانِ مُتَّصِفٌ بِالشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ قَوْلًا بِالْخَيْرِ، أَوْ سُكُوتًا عَنِ الشَّرِّ، أَوْ فِعْلًا لِمَا يَنْفَعُ، أَوْ تَرْكًا لِمَا يَضُرُّ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُهُ مِنْ تَوَقُّفِ الْإِيمَانِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِيهِ، بَلِ الْمُرَادُ الْإِيمَانُ الْكَامِلُ كَمَا عُلِمَ، أَوْ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي اسْتِجْلَابِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ كَمَا تَقُولُ لِوَلَدِكَ: إِنْ كُنْتَ ابْنِي فَأَطْعِمْنِي تَحْرِيضًا، وَتَهْيِيجًا عَلَى الطَّاعَةِ ; لِأَنَّهُ بِانْتِفَاءِ الطَّاعَةِ تَنْتَفِي وَلَدِيَّتُهُ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَإِسْمَاعِيلَ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ اللَّيْثُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ كِلَاهُمَا عَنْ سَعِيدٍ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ نَحْوَهُ.

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 481
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست