responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 477
- بِضَمِّ الْمِيمِ - أَيْ يَسْكُتْ عَنِ الشَّرِّ فَيَسْلَمْ؛ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " «مَنْ صَمَتَ نَجَا» "، قَالَهُ عِيَاضٌ، وَقَدْ ضَبَطَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ - بِضَمِّ الْمِيمِ - وَكَأَنَّهُ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ الطُّوفِيُّ: سَمِعْنَاهُ - بِكَسْرِهَا - وَهُوَ الْقِيَاسُ ; لِأَنَّ قِيَاسَ فَعَلَ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ - مَاضِيًا يَفْعِلُ - بِكَسْرِهَا - مُضَارِعًا نَحْوَ ضَرَبَ يَضْرِبُ، وَيَفْعُلُ - بِضَمِّ الْعَيْنِ - فِيهِ دَخِيلٌ كَمَا فِي الْخَصَائِصِ لِابْنِ جِنِّيٍّ، انْتَهَى.
أَيْ يَسْكُتُ عَنْ مَا لَا خَيْرَ فِيهِ، وَفَوَاتُهُمَا يُنَافِي حَالَ الْمُؤْمِنِينَ، وَشَرَفَ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَمْنِ، وَلَا أَمَانَ لِمَنْ فَاتَهُ الْغَنِيمَةُ وَالسَّلَامَةُ.
وَفِي رِوَايَةٍ: أَوْ لِيَسْكُتْ، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، لَكِنَّ الصَّمْتَ أَخَصُّ ; لِأَنَّهُ السُّكُوتُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ، أَمَّا السُّكُوتُ مَعَ الْعَجْزِ لِفَسَادِ آلَةِ النُّطْقِ، فَهُوَ الْخَرَسُ، أَوْ لِتَوَقُّفِهَا فَهُوَ الْعِيُّ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُصَدِّقَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ الْمُتَرَتِّبَيْنِ عَلَى الْكَلَامِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ لَا يَخْلُو، إِمَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا يُحَصِّلُ لَهُ ثَوَابًا، أَوْ خَيْرًا فَيَغْنَمُ، أَوْ يَسْكُتَ عَنْ شَيْءٍ يَجْلِبُ لَهُ عِقَابًا، أَوْ شَرًّا فَيَسْلَمُ، فَـ " أَوْ " لِلتَّنْوِيعِ وَالتَّقْسِيمِ فَيُسَنُّ لَهُ الصَّمْتُ حَتَّى عَنِ الْمُبَاحِ لِأَدَائِهِ إِلَى مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وَبِفَرْضِ خُلُوِّهِ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ ضَيَاعُ الْوَقْتِ فِيمَا لَا يَعْنِي، وَمِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ، قَالَ: وَأَفَادَ الْحَدِيثُ أَنَّ قَوْلَ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّمْتِ لِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ قَوْلِ الْخَيْرِ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي تَفْصِيلِ آفَاتِ الْكَلَامِ، وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ حَصْرٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ آفَاتِ اللِّسَانِ أَسْرَعُ الْآفَاتِ لِلْإِنْسَانِ وَأَعْظَمُهَا فِي الْهَلَاكِ وَالْخُسْرَانِ، فَالْأَصْلُ مُلَازَمَةُ الصَّمْتِ حَتَّى تَتَحَقَّقَ السَّلَامَةُ مِنَ الْآفَاتِ وَالْحُصُولُ عَلَى الْخَيْرَاتِ، فَحِينَئِذٍ تَخْرُجُ تِلْكَ الْكَلِمَةُ مَخْطُومَةً وَبِأَزِمَّةِ التَّقْوَى مَزْمُومَةً، وَهَذَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلُّهُ خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ أَوْ آيِلٌ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَدَخَلَ فِي الْخَيْرِ كُلُّ مَطْلُوبٍ مِنْ فَرْضٍ، وَنَفْلٍ فَأَذِنَ فِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ، وَدَخَلَ فِيهِ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِمَّا هُوَ شَرٌّ، أَوْ يَؤُولُ إِلَيْهِ، فَأُمِرَ بِالصَّمْتِ عَنْهُ، فَكُلُّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ حَقَّ الْإِيمَانِ خَافَ وَعِيدَهُ وَرَجَا ثَوَابَهُ، وَمَنْ آمَنَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ اسْتَعَدَّ وَاجْتَهَدَ فِي فِعْلِ مَا يَدْفَعُ بِهِ أَهْوَالَهُ، فَيَأْتَمِرُ بِالْأَوَامِرِ وَيَنْتَهِي عَنِ النَّوَاهِي، وَيَتَقَرَّبُ لِمَوْلَاهُ بِمَا يُقَرِّبُهُ إِلَيْهِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ مِنْ أَهَمِّ مَا عَلَيْهِ ضَبْطَ جَوَارِحِهِ، وَمِنْ أَكْثَرِ الْمَعَاصِي عَدَدًا وَأَيْسَرِهَا فِعْلًا مَعَاصِي اللِّسَانِ، وَقَدِ اسْتَقْرَأَ الْمُحَاسِبُونَ لِأَنْفُسِهِمْ آفَاتِ اللِّسَانِ، فَزَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ، وَأَرْشَدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى ذَلِكَ جُمْلَةً، فَقَالَ: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَمَنْ آمَنَ بِذَلِكَ حَقَّ إِيمَانِهِ اتَّقَى اللَّهَ فِي لِسَانِهِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَسَلْمَانُ: مَا شَيْءٌ أَحَقُّ بِطُولِ السِّجْنِ مِنَ اللِّسَانِ.
(وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ، أَيْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وُصِفَ بِهِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، أَوْ لِأَنَّهُ أَخَّرَ الْحِسَابَ إِلَيْهِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَا لَيْلَ بَعْدَهُ، وَلَا يُقَالُ يَوْمٌ إِلَّا لِمَا بَعْدَهُ لَيْلٌ، أَيْ يُصَدِّقُ بِوُجُودِهِ مَعَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْوَالِ وَالْأَهْوَالِ، وَاكْتَفَى بِهِمَا عَنِ الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 4  صفحه : 477
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست