responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 3  صفحه : 507
لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ، فَكَانَ فِيهِ الْقِيمَةُ بِالْعَيْنِ لَا مِثْلُهُ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا عَدَلَ عَنِ الْمِثْلِ إِلَى غَيْرِهِ نَحَّى بِهِ عَنِ الْبَيْعِ فَهُوَ طَعَامٌ بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ ; وَلِأَنَّ لَبَنَ النَّاقَةِ أَثْقَلُ مِنْ لَبَنِ الشَّاةِ، وَلَبَنُ النُّوقِ فِي نَفْسِهِ يَخْتَلِفُ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، وَالصَّاعُ مَحْدُودٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَلْزَمَ مُتْلِفَ الْقَلِيلِ مِثْلُ مَا يَلْزَمُ مُتْلِفَ الْكَثِيرِ؟ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ غَلَّةٌ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي كَسَائِرِ الْغَلَّاتِ، فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ فِي الْعَيْبِ، فَالْحَدِيثُ إِمَّا مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ أَوْ مَرْجُوحٌ لِمُعَارَضَتِهِ هَذِهِ الْأَرْبَعَ قَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ اللَّبَنَ خَرَاجٌ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْحَدِيثِ، وَبِأَنَّهُ عَامٌّ وَالْمُصَرَّاةُ خَاصٌّ، وَالْعَامُّ يُرَدُّ إِلَى الْخَاصِّ، فَلَا تَعَارُضَ وَلَا نَسْخَ، وَعَنِ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى أَنَّ اللَّبَنَ إِنَّمَا يُرَادُ لِلْقُوتِ، وَغَالِبُ قُوتِهِمُ التَّمْرُ، فَلِذَا حَكَمَ بِهِ؛ حَتَّى لَوْ كَانَ غَالِبَ قُوتِ بَلَدِ غَيْرِهِ لَقَضَى بِذَلِكَ الْغَيْرِ، وَقَدْ جَعَلَ الشَّرْعُ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ الْإِبِلَ، وَالذَّهَبِ الذَّهَبَ، وَالْوَرِقِ الْوَرِقَ، مَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّهُ غَالِبُ كَسْبِهِمْ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمَرْدُودُ لَبَنًا لَدَخَلَ التَّفَاضُلُ وَالْمُزَابِنَةُ، إِذْ مَا فِي الضَّرْعِ لَا يَتَحَقَّقُ تَقْدِيرُهُ بِالصَّاعِ، وَلَوْ رُدَّ جَمِيعُ مَا حُلِبَ لَخِيفَ أَنَّ فِيهِ شَيْئًا مِمَّا هُوَ غَلَّةٌ وَحَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ؟ وَعَنِ الثَّانِيَةِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُبَايَعَةً حَقِيقِيَّةً حَتَّى يُقَالَ إِنَّهَا طَعَامٌ بِطَعَامٍ إِلَى أَجَلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِمَا فَيُتَّهَمَانِ.
وَعَنِ الثَّالِثَةِ بِمَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّمَا قَضَى بِالصَّاعِ الْمَحْدُودِ عَنِ اللَّبَنِ الْمُخْتَلِفِ قَدْرُهُ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ رِفْقًا لِلْخِصَامِ وَسَدًّا لِذَرِيعَةِ التَّنَازُعِ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرِيصًا عَلَى رَفْعِ التَّنَازُعِ عَنْ أُمَّتِهِ كَقَضَائِهِ بِالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الدِّيَةِ، وَحَدَّ دِيَةَ الْجَرَّاحِ بِقَدْرٍ مَحْدُودٍ مَعَ اخْتِلَافِ قَدْرِهَا فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، فَقَدْ تَعُمُّ الْمُوضِحَةُ جِلْدَةَ الرَّأْسِ، وَقَدْ تَكُونُ مَدْخَلَ مِسَلَّةٍ، وَلِهَذَا أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ، وَعَنِ الرَّابِعِ بِأَنَّ الْغَلَّةَ مَا نَشَأَ وَالشَّيْءُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا كَانَ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَكَانَ الْأَصْلُ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ، لَكِنْ لَمَّا اسْتَحَالَ رَدُّ عَيْنِهِ لِاخْتِلَاطِهِ بِمَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَجَبَ رُدَّ الْعِوَضِ وَقُدِّرَ بِمَعْلُومٍ رَفْعًا لِلنِّزَاعِ اهـ مُلَخَّصًا.
وَفِي الْمُفْهِمِ: قَدْ يُجَابُ عَنِ الْجَمِيعِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ بِأَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصْلٌ مُنْفَرِدٌ بِنَفْسِهِ مُسْتَثْنًى مِنْ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ كَمَا اسْتُثْنِيَ ضَرْبُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَدِيَةِ الْجَنِينِ وَالْعَرِيَّةِ وَالْقَرَاضِ مِنْ أَصُولٍ مَمْنُوعَةٍ لِلْحَاجَةِ إِلَى هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، وَلَوْ سُلِّمَ مُعَارَضَتُهُ بِأُصُولِ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ فَلَا نُسَلِّمُ تَقْدِيمَ الْقِيَاسِ عَلَى الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمُعَاذٍ: " «بِمَ تَحْكُمُ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي» " اهـ. وَفِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ غَيْرَ مَا مَرَّ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
(قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا نَرَى) بِضَمِّ النُّونِ، فَظَنَّ (وَاللَّهُ أَعْلَمُ) بِمُرَادِ رَسُولِهِ ( «لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» ) أَيْ يَحْرُمُ (أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ) فَفَسَّرَهُ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 3  صفحه : 507
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست