responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 3  صفحه : 141
التَّحْرِيمِ فَيَحْتَاجُ مَنْ أَفْرَدَ الْحُكْمَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ إِلَى دَلِيلٍ، وَحَدِيثُ أَسْمَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: " «نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكَلْنَاهُ وَنَحْنُ بِالْمَدِينَةِ» "، زَادَتْ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ: نَحْنُ وَآلُ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوهُ بِاجْتِهَادِهِمْ عَلَى الْمُرَجَّحِ مِنْ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي الْعَصْرِ النَّبَوِيِّ قَضِيَّةُ عَيْنٍ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ إِذْ هُوَ خَبَرٌ لَا عُمُومَ فِيهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ: " «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَرَخَّصَ فِي الْخَيْلِ» " فَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ التَّحْرِيمِ لِقَوْلِهِ رَخَّصَ إِذِ الرُّخْصَةُ اسْتِبَاحَةُ الْمَمْنُوعِ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ بِسَبَبِ الْمَخْمَصَةِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ بِخَيْبَرَ، وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْحِلِّ الْمُطْلَقِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، وَأَمَّا كَوْنُ أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِلَفْظِ أَذِنَ كَمَا فِي مُسْلِمٍ فَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِاحْتِجَاجِنَا ; لِأَنَّ لَفْظَ أَذِنَ دُونَ أَبَاحَ أَوْ أَحَلَّ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ أَمَرَ مَعْنَاهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِلْمَخْمَصَةِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحِلِّ لِتَقَابُلِ الِاحْتِمَالَيْنِ.
ثَالِثُهَا: أَنَّ الْآيَةَ سِيقَتْ مَسَاقَ الِامْتِنَانِ فَلَوْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي الْأَكْلِ لَكَانَ الِامْتِنَانُ بِهِ أَعْظَمَ، وَالْحَكِيمُ لَا يَمْتَنُّ بِأَدْنَى النِّعَمِ وَهُوَ الرُّكُوبُ وَالزِّينَةُ هُنَا وَيَتْرُكُ أَعْلَاهَا وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ وَقَعَ الِامْتِنَانُ بِالْأَكْلِ فِي الْمَذْكُورَاتِ قَبْلَهَا فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: 5] .
رَابِعُهَا: لَوْ أُبِيحُ أَكْلُهَا لَفَاتَتِ الْمَنْفَعَةُ بِهَا فِيمَا وَقَعَ الِامْتِنَانُ بِهِ مِنَ الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ.
وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ آيَةَ النَّحْلِ مَكِّيَّةٌ اتِّفَاقًا فَلَوْ فَهِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا الْمَنْعَ لَمَا أَذِنَ فِي أَكْلِهَا فِي خَيْبَرَ وَهِيَ فِي سَابِعَةِ الْهِجْرَةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ مَحْمَلَ الْإِذْنِ فِيهِ لِلْمَخْمَصَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: الْآيَةُ 119] فِي الْمَمْنُوعِ مِنْهُ نَصًّا فَإِذْنُهُ لَا يُنَافِي فَهْمَهُ مِنْهَا الْمَنْعَ، وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ آيَةَ النَّحْلِ لَيْسَتْ نَصًّا فِي الْمَنْعِ وَحَدِيثَ أَسْمَاءَ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ فَيُقَدَّمُ الصَّرِيحُ عَلَى الْمُحْتَمَلِ، فَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنَ الْآيَةِ الْمَنْعُ وَذَلِكَ كَافٍ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَا عُلِمَ فِي الْأُصُولِ، وَالْحَدِيثُ لَا صَرَاحَةَ فِيهِ عَلَى اطِّلَاعِ الْمُصْطَفَى بَلْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِاجْتِهَادِهِمْ، وَلَا يَرِدُ أَنَّ مِنْ أُصُولِ مَالِكٍ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ لِأَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَا مُعَارِضَ، وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّ اللَّامَ وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّعْلِيلِ لَا تُفِيدُ الْحَصْرَ فِي الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِالْخَيْلِ فِي غَيْرِهِمَا وَفِي غَيْرِ الْأَكْلِ اتِّفَاقًا كَحَمْلِ الْأَمْتِعَةِ وَالِاسْتِقَاءِ وَالطَّحْنِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الرُّكُوبَ وَالزِّينَةَ لِأَنَّهُمَا أَغْلَبُ مَا تُطْلَبُ لَهُ الْخَيْلُ، فَجَوَابُهُ أَنَّ مَعْنَى الْحَصْرِ فِيهِمَا دُونَ الْأَكْلِ الْمُمْتَنِّ بِهِ فِي غَيْرِ الْخَيْلِ فَهُوَ إِضَافِيٌّ فَلَا يُنَافِي الِانْتِفَاعَ بِهَا فِيمَا ذُكِرَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ إِضَافِيٌّ - الْإِجْمَاعُ، وَالْحَمْلُ وَنَحْوُهُ رُكُوبٌ حُكْمًا.
وَأُجِيبَ عَنِ الثَّانِي بِأَنَّ عَطْفَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ إِنَّمَا هُوَ دَلَالَةُ اقْتِرَانٍ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ، وَجَوَابُهُ أَنَّا لَمْ نَسْتَدِلَّ بِهَا فَقَطْ، بَلْ مَعَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ خَلَقَهَا لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ وَامْتِنَانِهِ بِالْأَكْلِ مِنَ الْأَنْعَامِ دُونَهَا.
وَعَنِ الثَّالِثِ بِأَنَّ الِامْتِنَانَ إِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ غَالِبُ مَا كَانَ يَقَعُ انْتِفَاعُهُمْ بِهِ فَخُوطِبُوا بِمَا أَلِفُوا وَعَرَفُوا وَلَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ أَكْلَ الْخَيْلِ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 3  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست