responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 3  صفحه : 116
بِالتَّصَدُّقِ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ الثَّلَاثِ زَادَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ بُرَيْدَةَ: لِيُوَسِّعَ ذُو الطَّوْلِ عَلَى مَنْ لَا طَوْلَ لَهُ (فَكُلُوا) زَادَ بُرَيْدَةُ مَا بَدَا لَكُمْ؛ أَيْ: مُدَّةَ بُدُوِّ الْأَكْلِ لَكُمْ (وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا) فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ تَحْرِيمٌ وَلَا كَرَاهَةٌ، فَيُبَاحُ الْآنَ الِادِّخَارُ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَالْأَكْلُ مَتَى شَاءَ مُطْلَقًا.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ وَنَحْوُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّافِعَةِ لِلْمَنْعِ لَمْ تَبْلُغْ مَنِ اسْتَمَرَّ عَلَى النَّهْيِ كَعَلِيٍّ وَعُمَرَ وَابْنِهِ لِأَنَّهَا أَخْبَارُ آحَادٍ لَا مُتَوَاتِرَةٌ، وَمَا هُوَ كَذَلِكَ يَصِحُّ أَنْ يَبْلُغَ بَعْضَ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ.
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْجُمْهُورِ أَنَّ هَذَا مِنْ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: قَدْ كَانَ أَكْلُهَا مُبَاحًا ثُمَّ حُرِّمَ ثُمَّ أُبِيحَ، فَفِيهِ رَدٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ لَا يَكُونُ النَّسْخُ إِلَّا بِالْأَخَفِّ لَا الْأَثْقَلِ وَأَيُّ هَذَيْنِ كَانَ أَخَفَّ أَوْ أَثْقَلَ فَقَدْ نُسِخَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ.
(وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الِانْتِبَاذِ) فِي أَوَانِي كَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ (فَانْتَبِذُوا) فِي أَيِّ وِعَاءٍ كَانَ ( «وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» ) ؛ أَيْ: مَا شَأْنُهُ الْإِسْكَارُ مِنْ أَيِّ شَرَابٍ كَانَ وَلَا دَخْلَ لِلْأَوَانِي.
وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ بُرَيْدَةَ: " «نَهَيْتُكُمْ عَنِ الظُّرُوفِ وَإِنَّ الظُّرُوفَ لَا تُحِلُّ شَيْئًا وَلَا تُحَرِّمُهُ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» " وَفِيهِ عَنْهُ أَيْضًا: " «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ إِلَّا فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» " وَهَذَا نَسْخٌ صَرِيحٌ لِحُرْمَةِ نَهْيِهِ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ وَنَحْوِهِمَا فِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ.
وَاخْتُلِفَ هَلْ بَقِيَتِ الْكَرَاهَةُ؟ وَعَلَيْهِ مَالِكٌ وَمَنْ وَافَقَهُ أَوْ لَا كَرَاهَةَ؟ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
(وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ) لِحَدَثَانِ عَهْدِكُمْ بِالْكُفْرِ وَكَلَامِكُمْ بِالْخَنَاءِ وَبِمَا يُكْرَهُ فِيهَا، أَمَّا الْآنَ حَيْثُ انْمَحَتْ آثَارُ الْجَاهِلِيَّةِ وَاسْتَحْكَمَ الْإِسْلَامُ وَصِرْتُمْ أَهْلَ يَقِينٍ وَتَقْوَى (فَزُورُوهَا) زَادَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: " «فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ» " قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: الْفَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ؛ أَيْ: نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَتِهَا مُبَاهَاةً بِالتَّكَاثُرِ فِعْلَ الْجَاهِلِيَّةِ، أَمَّا الْآنَ فَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَهُدِمَتْ قَوَاعِدُ الشِّرْكِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُوَرِّثُ رِقَّةَ الْقَلْبِ وَتُذَكِّرُ الْمَوْتَ وَالْبِلَا (وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا) بِضَمِّ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ (يَعْنِي لَا تَقُولُوا سُوءًا) ؛ أَيْ: قَبِيحًا وَفُحْشًا وَالْخِطَابُ لِلرِّجَالِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ النِّسَاءُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُنَّ عَلَى الْمُخْتَارِ لَكِنْ يَجُوزُ بِشُرُوطٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قِيلَ كَانَ النَّهْيُ عَامًّا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ثُمَّ نُسِخَ بِالْإِبَاحَةِ الْعَامَّةِ أَيْضًا لَهُمَا فَقَدْ زَارَتْ عَائِشَةُ قَبْرَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَزُورُ قَبْرَ حَمْزَةَ، وَقِيلَ: إِنَّمَا نُسِخَ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» ، فَالْحُرْمَةُ مُقَيَّدَةٌ بِذَلِكَ دُونَ الْإِبَاحَةِ لِجَوَازِ تَخْصِيصِهَا بِالرِّجَالِ دُونَهُنَّ بِدَلِيلِ اللَّعْنِ.

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 3  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست