responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 61
جِنَايَتِهِ حَالَ سُكْرِهِ لِمَنْعِ السَّبَبِ فَلَمْ يُعْذَرِ السَّكْرَانُ فَإِنَّ اللَّهَ يُعَاقِبُ عَلَى الْأَسْبَابِ الْمُحَرَّمَةِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهَا كَمَا يُثِيبُ عَلَى الْأَسْبَابِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهَا، وَلِذَا كَانَ عَلَى قَابِيلَ الْقَاتِلِ لِأَخِيهِ كِفْلٌ مِنْ ذَنْبِ كُلِّ قَاتِلٍ ; لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ (لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا) ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ عَائِدٌ عَلَى (مِنْ) بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى، قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: أَفْعَالُ الْعِبَادِ، وَإِنَّ كَانَتْ غَيْرَ مُوجِبَةٍ وَلَا مُقْتَضِيَةٍ لِلثَّوَابِ وَلَا لِلْعِقَابِ بِذَاتِهَا، لَكِنَّهُ تَعَالَى أَجْرَى عَادَتَهُ بِرَبْطِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ بِهَا ارْتِبَاطَ الْمُسَبَّبَاتِ بِالْأَسْبَابِ، وَفِعْلِ مَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي صُدُورِهِ بِوَجْهٍ، وَلَمَّا كَانَتِ الْجِهَةُ الَّتِي اسْتَوْجَبَ بِهَا الْجَزَاءَ غَيْرَ الْجِهَةِ الَّتِي اسْتَوْجَبَ بِهَا الْمُبَاشِرُ لَمْ يَنْقُصْ أَجْرُهُ مِنْ أَجْرِهِ وَلَا مِنْ وِزْرِهِ شَيْئًا، انْتَهَى.
وَأَوْرَدَ إِذَا دَعَا وَاحِدٌ إِلَى ضَلَالَةٍ فَاتَّبَعُوهُ لَزِمَ كَوْنُ السَّيِّئَةِ وَاحِدَةً وَهِيَ الدَّعْوَةُ مَعَ أَنَّ هُنَا أَوْزَارًا كَثِيرَةً، وَأُجِيبَ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّعْوَةَ فِي الْمَعْنَى مُتَعَدِّدَةٌ ; لِأَنَّ دَعْوَى الْجَمْعِ دَفْعَةُ دَعْوَةٍ لِكُلِّ مَنْ أَجَابَهَا، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ التَّوْبَةُ مِمَّا تَوَلَّدَ وَلَيْسَ فِعْلَهُ، وَالْمَرْءُ إِنَّمَا يَتُوبُ مِمَّا فَعَلَهُ اخْتِيَارًا؟ أُجِيبَ بِحُصُولِهَا بِالنَّدَمِ وَدَفْعِهِ عَنِ الْغَيْرِ مَا أَمْكَنَ وَهُوَ إِقْنَاعِيٌّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» " قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا أَبْلَغُ شَيْءٍ فِي فَضْلِ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَالدُّعَاءِ إِلَيْهِ وَإِلَى جَمِيعِ سُبُلِ الْخَيْرِ وَالْبَرِّ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعِكْرِمَةُ وَعَطَاءٌ وَغَيْرُهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} [الانفطار: 5] (سُورَةُ الِانْفِطَارِ: الْآيَةُ: 5) أَيْ مَا قَدَّمْتَ مِنْ خَيْرٍ يُعْمَلُ بِهِ بَعْدَهَا وَمَا أَخَّرَتْ مِنْ شَرٍّ يُعْمَلُ بِهِ بَعْدَهَا.
وَقَالَهُ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13] (سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ: الْآيَةُ 13) وَعَطَاءٌ فِي قَوْلِهِ: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا} [البقرة: 166] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ: 166) ، انْتَهَى.
وَأُخِذَ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ أَجْرٍ حَصَلَ لِلشَّهِيدِ أَوْ لِغَيْرِهِ حَصَلَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلُهُ زِيَادَةً عَلَى مَا لَهُ مِنَ الْأَجْرِ الْخَاصِّ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ الَّتِي لَا تَصِلُ جَمِيعُ الْأُمَّةِ إِلَى عِرْفِ نَشْرِهَا وَلَا تَبْلُغُ مِعْشَارَ عُشْرِهَا، فَجَمِيعُ حَسَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ فِي صَحَائِفِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مَعَ مُضَاعَفَةٍ لَا يُحْصِيهَا إِلَّا اللَّهُ ; لِأَنَّ كُلَّ مُهْتَدٍ وَعَامِلٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَهُ أَجْرٌ، وَلِشَيْخِهِ فِي الْهِدَايَةِ مِثْلُهُ، وَشَيْخِ شَيْخِهِ مِثْلَاهُ، وَلِلشَّيْخِ الثَّالِثِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلرَّابِعِ ثَمَانِيَةٌ، وَهَكَذَا تُضَعَّفُ كُلُّ مَرْتَبَةٍ بِعَدَدِ الْأُجُورِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَهُ إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِهِ يُعَرَفُ فَضْلُ السَّلَفِ عَلَى الْخَلْفِ، فَإِذَا فَرَضْتَ الْمَرَاتِبَ عَشَرَةً بَعْدَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ أَلْفٌ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، فَإِذَا اهْتَدَى بِالْعَاشِرِ الْحَادِي عَشَرَ صَارَ لَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلْفَانِ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَهَكَذَا كَلَّمَا زَادَ وَاحِدٌ تَضَاعَفَ مَا كَانَ قَبْلَهُ أَبَدًا.

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست