responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 54
بِحِفْظِهِمَا وَحِفْظِ مَنْ أَحَاطَتْ بِهِ وَاشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ، تُؤْتِي كُلًّا مَا بِهِ قِوَامُهُ وَتُقَوِّمُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِكَ بِمَا تَرَاهُ مِنْ تَدْبِيرِكَ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ مُجَاهِدٌ: الْقَيُّومُ: الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَقَرَأَ عُمَرُ الْقَيَّامُ أَيْ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَكِلَاهُمَا مَدْحٌ أَيْ بِخِلَافِ الْقَيِّمِ، فَيُسْتَعْمَلُ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ، وَقِيلَ الْقَيِّمُ: الْقَائِمُ بِأُمُورِ الْخَلْقِ وَمُدَبِّرُ الْعَالَمِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، وَمِنْهُ قَيِّمُ الطِّفْلِ، وَالْقَيُّومُ وَالْقَيَّامُ: الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا لَا بِغَيْرِهِ، وَيَقُومُ بِهِ كُلُّ مَوْجُودٍ حَتَّى لَا يُتَصَوَّرَ وُجُودُ شَيْءٍ وَلَا دَوَامُ وَجُودِهِ إِلَّا بِهِ، فَمَنْ عَرَفَ ذَلِكَ اسْتَرَاحَ عَنْ كَدِّ التَّدْبِيرِ وَتَعَبِ الِاشْتِغَالِ وَعَاشَ بِرَاحَةِ التَّفْوِيضِ، فَلَا يَضِنُّ بِكَرِيمَةٍ وَلَا يَجْعَلُ فِي قَلْبِهِ لِلدُّنْيَا كَثِيرَ قِيمَةٍ.
(وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ) عَبَّرَ بِمَنْ تَغْلِيبًا لِلْعُقَلَاءِ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ وَكَافِلُهُ وَمُغَذِّيهِ وَمُصْلِحُهُ الْعَوْدُ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ، وَتَكْرِيرُ الْحَمْدِ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِ وَلِيُنَاطَ بِهِ كُلَّ مَرَّةٍ مَعْنًى آخَرُ، وَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ إِفَادَةُ التَّخْصِيصِ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا خَصَّ الْحَمْدَ بِاللَّهِ قِيلَ لَهُ: لِمَ خَصَصْتَنِي؟ قَالَ: لِأَنَّكَ الْقَائِمُ بِحِفْظِ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. (أَنْتَ الْحَقُّ) أَيِ الْمُتَحَقِّقُ الْوُجُودِ الثَّابِتُ بِلَا شَكٍّ فِيهِ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا الْوَصْفُ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْحَقِيقَةِ خَاصٌّ بِهِ لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِهِ، إِذْ وَجُودُهُ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَسْبِقْهُ عَدَمٌ وَلَا يَلْحَقُهُ عَدَمٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: يَحْتَمِلُ أَنْتَ الْحَقُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ إِلَهٌ، أَوْ بِمَعْنَى مَنْ سَمَّاكَ إِلَهًا فَقَدْ قَالَ الْحَقَّ. (وَقَوْلُكَ الْحَقُّ) أَيْ مَدْلُولُهُ ثَابِتٌ (وَوَعْدُكَ الْحَقُّ) لَا يَدْخُلُهُ خُلْفٌ، وَلَا شَكَّ فِي وُقُوعِهِ وَهُوَ مِنَ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ. (وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ) الْمُرَادُ بِهِ الْبَعْثُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَآلِ الْخَلْقِ فِي الْآخِرَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ رُؤْيَتُكَ فِي الْآخِرَةِ حَيْثُ لَا مَانِعَ، وَقِيلَ: الْمَوْتُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ بَاطِلٌ هُنَا. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْوَعْدِ لَكِنَّ الْوَعْدَ مَصْدَرٌ وَمَا بَعْدَهُ هُوَ الْمَوْعُودُ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنَ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ. (وَالْجَنَّةُ حُقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَوْجُودٌ (وَالسَّاعَةُ حَقٌّ) أَيْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَأَصْلُ السَّاعَةَ الْقِطْعَةُ مِنَ الزَّمَانِ، وَإِطْلَاقُ اسْمِ الْحَقِّ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْأُمُورِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا، وَأَنَّهَا مَا يَجِبُ أَنْ يُصَدَّقَ بِهَا، وَتَكْرَارُ لَفْظِ (حَقٌّ) مُبَالَغَةٌ فِي التَّأْكِيدِ. زَادَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ عَنْ طَاوُسٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ: " «وَالنَّبِيُّونَ حُقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ» "، وَعُرِّفَ الْحَقُّ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: لِلْحَصْرِ لِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الثَّابِتُ وَمَا سِوَاهُ فِي مَعْرِضِ الزَّوَالِ، قَالَ لَبِيدٌ:
أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلُ
وَكَذَا قَوْلُهُ: وَكَذَا وَعْدُهُ مُخْتَصٌّ بِالْإِنْجَازِ دُونَ وَعْدِ غَيْرِهِ، وَالتَّنْكِيرُ فِي الْبَوَاقِي لِلتَّعْظِيمِ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست