responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 474
وَغَسَّانُ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي آبَائِهِمْ مَنْ أَحْرَمَ لِمَنَاةَ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَهَذَا كُلُّهُ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظٍ: إِنَّمَا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي أُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانُوا إِذَا أَهَلُّوا لِمَنَاةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَخَالَفَهُمَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عِنْدَهُ عَنْ هِشَامٍ، وَخَالَفَ جَمِيعَ الرِّوَايَاتِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا يُهِلُّونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِصَنَمَيْنِ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ، يُقَالُ: لَهُمَا إِسَافٌ وَنَائِلَةُ، ثُمَّ يَجِيئُونَ فَيَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحْلِقُونَ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَرِهُوا أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَهُمَا لِلَّذِي كَانُوا يَصْنَعُونَ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ تَحَرُّجَهُمْ إِنَّمَا كَانَ لِئَلَّا يَفْعَلُوا فِي الْإِسْلَامِ شَيْئًا فَعَلُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَبْطَلَ أَفْعَالَهَا إِلَّا مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ، فَخَشَوْا أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا أَبْطَلَهُ، وَجَمَعَ الْحَافِظُ بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْأَنْصَارَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا فَرِيقَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَطُوفُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَطُوفُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ بَاقِي الرِّوَايَاتِ، وَاشْتَرَكَ الْفَرِيقَانِ فِي الْإِسْلَامِ فِي التَّوَقُّفِ عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، لِكَوْنِهِ كَانَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى نَحْوِ هَذَا الْجَمْعِ الْبَيْهَقِيُّ، إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ لِصَنَمَيْنِ عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ وَهْمٌ، فَإِنَّهُمَا مَا كَانَا قَطُّ عَلَى شَطِّهِ، وَإِنَّمَا كَانَا عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مَنَاةُ مِمَّا يَلِي جِهَةَ الْبَحْرِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ، وَلِلنَّسَائِيِّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: كَانَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ صَنَمَانِ مِنْ نُحَاسٍ يُقَالُ لَهُمَا إِسَافٌ وَنَائِلَةُ، كَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا طَافُوا يَمْسَحُونَ بِهِمَا.
وَسَقَطَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَتِهِ: إِهْلَالُهُمْ أَوَّلًا لِمَنَاةَ، فَكَأَنَّهُمْ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ يَبْدَءُونَ بِهَا، ثُمَّ يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِأَجْلِ إِسَافٍ وَنَائِلَةَ، فَمِنْ ثَمَّ تَحَرَّجُوا عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ.
وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَاصِمٍ: " قُلْتُ لِأَنَسٍ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ شَعَائِرِ الْجَاهِلِيَّةِ "، (فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] ، أَعْلَامُ مَنَاسِكِهِ جَمْعُ شَعِيرَةٍ وَهِيَ الْعَلَامَةُ.
{فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ} [البقرة: 158] : إِثْمَ (عَلَيْهِ) فِي {أَنْ يَطَوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] ، زَادَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: قَالَتْ: فَطَافُوا.
وَزَادَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: " فَلَعَمْرِي مَا أَتَمَّ اللَّهُ حَجَّ مَنْ لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ "، أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فِي الصَّحِيحَيْنِ: قَالَتْ عَائِشَةُ: " «وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الطَّوَافَ بَيْنَهُمَا» "، وَالْمُرَادُ فَرْضُهُ بِالسُّنَّةِ، لَا نَفْيَ الْفَرِيضَةِ لِقَوْلِهَا: مَا أَتَمَّ اللَّهُ. . . إِلَخْ.
وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ لَا يَصِحُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ، وَلَا يُجْبَرُ بِدَمٍ، وَلَا غَيْرِهِ، وَقَالَ بِهِ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ وَاجِبٌ فَإِنْ تَرَكَهُ عَصَى، وَجَبَرَ بِالدَّمِ، وَصَحَّ حَجُّهُ.
وَقَالَ بِهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ.
وَقَالَ أَنَسٌ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 474
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست