responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 409
عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا، (وَلَا يُنْكِحُ) - بِضَمِّ أَوَّلِهِ - أَيْ لَا يَعْقِدُ لِغَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ، وَلَا وِكَالَةٍ، وَهُوَ بِالْجَزْمِ فِيهِمَا عَلَى النَّهْيِ، كَمَا ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ.
(وَلَا يَخْطُبُ) ، فَيُمْنَعُ مِنَ الْخِطْبَةِ أَيْضًا، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، كَمَا فِي الْمُفْهِمِ، وَحَمَلَ الشَّافِعِيَّةُ النَّهْيَ فِي الْخِطْبَةِ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ السِّفَارَةَ فِي النِّكَاحِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْخِطْبَةَ حَالَةَ النِّكَاحِ، فَأَمَّا السِّفَارَةُ فِيهِ فَمَمْنُوعَةٌ، فَإِنْ سَفَرَ، وَعَقَدَ سِوَاهُ، أَوْ سَفَرَ لِنَفْسِهِ، وَعَقَدَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، أَسَاءَ وَلَمْ يُفْسَخْ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، انْتَهَى.
وَفِيهِ حُرْمَةُ الْعَقْدِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَلَوْ عَقَدَ لَمْ يَصِحَّ، وَيُفْسَخْ أَيْضًا بِطَلْقَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ، فَيُزَالُ الِاخْتِلَافُ بِالطَّلَاقِ احْتِيَاطًا لِلْفَرْجِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: بِلَا طَلَاقٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالْكُوفِيُّونَ: يَصِحُّ نِكَاحُهُ، وَإِنْكَاحُهُ، وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَيْسَ نَهْيًا عَنْ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ، بَلْ هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ حَالِهِ، وَأَنَّهُ لِاشْتِغَالِهِ بِنُسُكِهِ لَا يَتَّسِعُ زَمَانُهُ لِعَقْدِ النِّكَاحِ، وَلَا يَتَفَرَّغُ لَهُ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ هُنَا: الْوَطْءُ، لَا الْعَقْدُ، فَقَوْلُهُ: لَا يَنْكِحُ، أَيْ لَا يَطَأُ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ بِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْيِ، لَا عَلَى حِكَايَةِ الْحَالِ، وَحَمْلُهُ عَلَيْهَا لَا يَكُونُ إِخْبَارًا عَنْ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ، بَلْ عَنْ قَضِيَّةٍ يَشْتَرِكُ فِي مَعْرِفَتِهَا الْخَاصُّ، وَالْعَامُّ، وَحَمْلُ كَلَامِ الشَّارِعِ عَلَى الشَّرْعِيَّاتِ الَّتِي لَا تُعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ أَوْلَى.
وَأَيْضًا فَإِنَّ أَبَانَ رَاوِي الْحَدِيثَ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ: النَّهْيَ، وَأَنْكَرَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةَ بِالْحَدِيثِ، وَحَمْلُ النِّكَاحَ عَلَى الْوَطْءِ، لَا فَائِدَةَ فِيهِ، إِذْ هُوَ أَمْرٌ مُقَرَّرٌ يَعْلَمُهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَأَيْضًا، فَهُوَ خِلَافُ فَهْمِ رَاوِيهِ، وَلَوْ صَحَّ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى لَمْ يَصِحَّ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: وَلَا يُنْكِحُ، نَهْيٌ عَنِ التَّزْوِيجِ بِلَا شَكٍّ، وَإِذَا مُنِعَ مِنَ الْعَقْدِ لِغَيْرِهِ، فَأَوْلَى لِنَفْسِهِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مَحْرِمٌ» "، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ، لِأَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ، وَغَيْرَهُ وَهَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ، وَخَالَفَتْهُ مَيْمُونَةُ، وَأَبُو رَافِعٍ، فَرَوَيَا أَنَّهُ نَكَحَهَا، وَهُوَ حَلَالٌ، وَهُوَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ، لِأَنَّ مَيْمُونَةَ هِيَ الزَّوْجَةُ، وَأَبُو رَافِعٍ هُوَ السَّفِيرُ بَيْنَهُمَا، فَهُمَا أَعْرَفُ بِالْوَاقِعَةِ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنَ التَّعَلُّقِ بِالْقِصَّةِ مَا لَهُمَا، وَلِصِغَرِهِ حِينَئِذٍ عَنْهُمَا، إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي سِنِّهِمَا، وَلَا يَقْرُبُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَهْمًا، فَهُوَ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ بِأَنَّ مَعْنَى وَهُوَ مُحْرِمٌ: فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَرَبِيٌّ فَصِيحٌ يَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الْعَرَبِ، وَهُمْ يَقُولُونَ: أَحْرَمَ، وَأَنْجَدَ، وَأَتْهَمَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ، وَنَجَدًا، وَتِهَامَةَ، أَوْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، كَقَوْلِهِ: قَتَلُوا ابْنَ عَفَّانَ الْخَلِيفَةَ مُحْرِمًا.
أَيْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا بِحَجٍّ، وَلَا بِعُمْرَةٍ، أَوْ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ مَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ صَارَ مُحْرِمًا بِالتَّقْلِيدِ، فَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلِمَ بِنِكَاحِهِ بَعْدَ أَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَنَّ عَقْدَ الْإِحْرَامِ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الْإِغْضَاءِ عَنْ هَذَا كُلِّهِ، فَقَدْ تَعَارَضَ هُوَ وَحَدِيثُ مَيْمُونَةَ، وَأَبِي رَافِعٍ، فَسَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِالْخَبَرَيْنِ وَوَجَبَ الرُّجُوعُ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 409
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست