responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 401
الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: تَفَرَّدَ سُمَيٌّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَاحْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهِ، وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ حُجَّةٌ، فَرَوَاهُ عَنْهُ مَالِكٌ، وَالسُّفْيَانَانِ، وَغَيْرُهُمَا حَتَّى أَنَّ سُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ حَدَّثَ بِهِ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، ثُمَّ أَسْنَدَهُ مِنْ طَرِيقِهِ، قَالَ الْحَافِظُ: فَكَأَنَّ سُهَيْلًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِيهِ، وَتَحَقَّقَ بِذَلِكَ تَفَرُّدُ سُمَيٍّ بِهِ، فَهُوَ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ، (عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذَكْوَانَ (السِّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ) ، يَحْتَمِلُ كَمَا قَالَ الْبَاجِيُّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ التِّينِ: أَنَّ إِلَى بِمَعْنَى مَعَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52] (سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَةُ 52) ، أَيْ مَعَ الْعُمْرَةِ، (كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا) ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مِنَ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ، وَذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ عَصْرِنَا إِلَى تَعْمِيمِ ذَلِكَ ثُمَّ بَالَغَ فِي الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ يَعْنِي: الْبَاجِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ، فَتَقْتَضِي مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ تَكْفِيرَ جَمِيعِ مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا، إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ الْعُمْرَةِ كَفَّارَةً، مَعَ أَنَّ اجْتِنَابَ الْكَبَائِرِ يُكَفِّرُ، فَمَاذَا تُكَفِّرُهُ الْعُمْرَةُ؟ وَأُجِيبُ بِأَنَّ تَكْفِيرَ الْعُمْرَةِ مُقَيَّدٌ بِزَمَنِهَا، وَتَكْفِيرُ الِاجْتِنَابِ عَامٌّ لِجَمِيعِ عُمُرِ الْعَبْدِ، فَتَغَايَرَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْعُمْرَةَ الْأُولَى هِيَ الْمُكَفِّرَةُ، لِأَنَّهَا الَّتِي وَقَعَ الْخَبَرُ عَنْهَا أَنَّهَا تُكَفِّرُ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْعُمْرَةَ الثَّانِيَةَ هِيَ الْمُكَفِّرَةُ، لِمَا قَبْلَهَا إِلَى الْعُمْرَةِ السَّابِقَةِ، فَإِنَّ التَّكْفِيرَ قَبْلَ وُقُوعِ الذَّنْبِ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
وَقَالَ الْأُبِّيُّ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْحَثِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَالْإِكْثَارِ مِنْهَا، لِأَنَّهُ إِذَا حُمِلَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ يُشْكِلُ بِمَا إِذَا اعْتَمَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا فَائِدَةَ لَهَا، لِأَنَّ فَائِدَتَهَا - وَهُوَ التَّكْفِيرُ - مَشْرُوطٌ بِفِعْلِهَا ثَانِيَةً، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمْ تَنْحَصِرْ فَائِدَةُ الْعِبَادَةِ فِي تَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ، بَلْ يَكُونُ فِيهَا، وَفِي ثُبُوتِ الْحَسَنَاتِ، وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ، كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ: مَنْ فَعَلَ كَذَا، كُتِبَ لَهُ كَذَا كَذَا حَسَنَةً، وَمُحِيَتْ عَنْهُ كَذَا كَذَا سَيِّئَةً، وَرُفِعَتْ لَهُ كَذَا كَذَا دَرَجَةً، فَتَكُونُ فَائِدَتُهَا إِذَا لَمْ تُكَرَّرْ ثُبُوتَ الْحَسَنَاتِ، وَرَفْعُ الدَّرَجَاتِ.
وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ: إِذَا لَمْ تُكَرَّرْ كُفِّرَ بَعْضُ مَا وَقَعَ بَعْدَهَا، لَا كُلُّهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ.
(وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ) ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا رِيَاءَ فِيهِ، وَلَا سُمْعَةَ، وَلَا رَفَثَ، وَلَا فُسُوقَ، وَيَكُونُ بِمَالٍ حَلَالٍ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ صَاحِبُهُ عَلَى الْبِرِّ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَقْبُولُ، وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَرْجِعَ خَيْرًا مِمَّا كَانَ، وَلَا يُعَاوِدَ الْمَعَاصِيَ، وَقِيلَ: الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنَ الْإِثْمِ، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ فِي تَفْسِيرِهِ مُتَقَارِبَةٌ، وَهِيَ أَنَّهُ الْحَجُّ الَّذِي وُفِّيَتْ أَحْكَامُهُ، وَوَقَعَ مَوْقِعًا لِمَا طُلِبَ مِنَ الْمُكَلَّفِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ.
وَلِأَحْمَدَ، وَالْحَاكِمِ، عَنْ جَابِرٍ: " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بِرُّ الْحَجِّ؟ قَالَ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ "، قَالَ الْحَافِظُ: وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ دُونَ غَيْرِهِ.
وَقَالَ الْأَبِّيُّ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ الَّذِي لَا مَعْصِيَةَ بَعْدَهُ، لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: " مَنْ حَجَّ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست