responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 126
رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ: فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ، وَزَادَ أَبُو عَوَانَةَ: فِي أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى رَدِّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخِطَابَ لِرُوحِهِ ; لِأَنَّ التَّحْرِيقَ وَالتَّذْرِيَةَ إِنَّمَا وَقَعَا عَلَى الْجَسَدِ وَهُوَ الَّذِي جُمِعَ وَأُعِيدَ (ثُمَّ قَالَ: لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ) إِنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُهُ مِنْ خَشْيَتِكَ أَيْ خَوْفَ عِقَابِكَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إِيمَانِهِ إِذِ الْخَشْيَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ بَلْ لِعَالِمٍ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] (سُورَةُ فَاطِرٍ: الْآيَةُ 28) وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَخَافَهُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ، وَقَدْ رُوِيَ الْحَدِيثُ، قَالَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ تَرْفَعُ الْإِشْكَالَ فِي إِيمَانِهِ، وَالْأُصُولُ تُعَضِّدُهَا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48] (سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ 48) وَقَدْ (قَالَ: فَغَفَرَ لَهُ) وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عَنِ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا. قَالَ ابْنُ التِّينِ: ذَهَبَ الْمُعْتَزِلَةُ إِلَى أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ إِنَّمَا غُفِرَ لَهُ لِتَوْبَتِهِ الَّتِي تَابَهَا ; لِأَنَّ قَبُولَهَا وَاجِبٌ عَقْلًا عِنْدَهُمْ، وَالْأَشْعَرِيُّ قَطَعَ بِهَا سَمْعًا، وَغَيْرُهُ جَوَّزَ الْقَبُولَ كَسَائِرِ الطَّاعَاتِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: قَبُولُ التَّوْبَةِ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ وَاجِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَقْلًا، وَعِنْدَنَا وَاجِبٌ بِحُكْمِ الْوَعْدِ وَالتَّفَضُّلِ وَالْإِحْسَانِ، إِذْ لَوْ وَجَبَ الْقَبُولُ عَلَى اللَّهِ عَقْلًا لَاسْتَحَقَّ الذَّمَّ إِنْ لَمْ يَقْبَلْ وَهُوَ مُحَالٌ ; لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ يَكُونُ مُسْتَكْمِلًا بِالْقَبُولِ، وَالْمُسْتَكْمِلُ بِالْغَيْرِ نَاقِصٌ بِذَاتِهِ وَذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ مُحَالٌ، وَلِأَنَّ الذَّمَّ إِنَّمَا يَمْنَعُ مِنَ الْفِعْلِ مَنْ يَتَأَذَّى لِسَمَاعِهِ وَيَنْفِرُ عَنْهُ طَبْعُهُ وَيَظْهَرُ لَهُ بِسَبَبِهِ نَقْصُ حَالٍ، أَمَّا الْمُتَعَالِي عَنِ الشَّهْوَةِ وَالنَّفْرَةِ وَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فَلَا يُعْقَلُ تَحَقُّقُ الْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَلِأَنَّهُ تَعَالَى تَمَدَّحَ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ فِي قَوْلِهِ: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [التوبة: 104] (سُورَةُ التَّوْبَةِ: الْآيَةُ 104) وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا مَا تَمَدَّحَ بِهِ ; لِأَنَّ أَدَاءَ الْوَاجِبِ لَا يُفِيدُ الْمَدْحَ وَالثَّنَاءَ وَالتَّعْظِيمَ، قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: قَبُولُ التَّوْبَةِ مِنَ الْكُفْرِ يُقْطَعُ بِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِجْمَاعًا، وَهَذَا مَحْمَلُ الْآيَةِ. وَأَمَّا الْمَعَاصِي فَيُقْطَعُ بِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنْهَا مِنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْأُمَّةِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْجَمِيعِ؟ وَأَمَّا إِذَا عُيِّنَ إِنْسَانٌ تَائِبٌ فَيُرْجَى قَبُولُ تَوْبَتِهِ بِلَا قَطْعٍ، وَأَمَّا إِذَا فَرَضْنَا تَائِبًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ صَحِيحَ التَّوْبَةِ فَقِيلَ يُقْطَعُ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ، وَعَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْهَا الْفُقَهَاءُ الْمُحَدِّثُونَ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ أَنْ تُقْبَلَ تَوْبَةُ جَمِيعِ التَّائِبِينَ. وَذَهَبَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْطَعُ بِهِ عَلَى اللَّهِ بَلْ يَقْوَى فِي الرَّجَاءِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّوْبَةِ مِنَ الْكُفْرِ وَالتَّوْبَةِ مِنَ الْمَعَاصِي بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، وَالتَّوْبَةَ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا، انْتَهَى. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّوْحِيدِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ رَوْحٍ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 2  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست