responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 652
تَمَزَّقَ السَّحَابُ حَتَّى مَا نَرَى مِنْهُ شَيْئً ا» ؛ أَيْ: فِي الْمَدِينَةِ، وَلِمُسْلِمٍ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَابَ يَتَمَزَّقُ كَأَنَّهُ الْمُلَاءَيْنِ يُطْوَى - بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْقَصْرِ - وَقَدْ يَمُدُّ جَمْعَ مُلَاءَةٍ ثَوْبٌ مَعْرُوفٌ. وَلِلْبُخَارِيِّ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَابَ يَقْتَطِعُ يَمِينًا وَشِمَالًا، يُمْطَرُونَ؛ أَيْ: أَهْلِ النَّوَاحِي وَلَا يُمْطَرُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. وَلَهُ أَيْضًا: فَجَعَلَ السَّحَابُ يَتَصَدَّعُ عَنِ الْمَدِينَةِ يُرِيهِمُ اللَّهُ كَرَامَةَ نَبِيِّهِ وَإِجَابَةَ دَعْوَتِهِ. وَلَهُ أَيْضًا: فَتَكَشَّطَتْ فَجَعَلَتْ تُمْطِرُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ وَلَا تُمْطِرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةً، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ بَقَاءَ الْمَطَرِ فِيمَا سِوَاهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَرْتَفِعِ الْإِهْلَاكُ وَلَا الْقَطْعُ وَهُوَ خِلَافٌ مَطْلُوبُ السَّائِلِ بِقَوْلِهِ: تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ اسْتَمَرَّ فِيمَا حَوْلَهَا مِنْ أَكَامٍ وَظِرَابٍ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ لَا فِي الطَّرِيقِ الْمَسْلُوكَةِ وَلَا الْبُيُوتِ، وَوُقُوعُ الْمَطَرِ فِي بُقْعَةٍ دُونَ بُقْعَةٍ كَثِيرٌ وَلَوْ كَانَتْ تُجَاوِرُهَا، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ جَازَ أَنْ يُوجَدَ لِلْمَوَاشِي أَمَاكِنٌ تُكِنُّهَا وَتُرْعَى فِيهَا بِحَيْثُ لَا يَضُرُّهَا ذَلِكَ الْمَطَرُ.
وَفِيهِ الْأَدَبُ فِي الدُّعَاءِ حَيْثُ لَمْ يَدْعُ بِرَفْعِ الْمَطَرِ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ الِاحْتِيَاجِ إِلَى اسْتِمْرَارِهِ، فَاحْتَرَزَ فِيهِ بِمَا يَقْضِي رَفْعَ الضَّرَرِ وَإِبْقَاءِ النَّفْعِ، وَمِنْهُ اسْتُنْبِطَ أَنَّ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسْخِطَهَا لِعَارِضٍ يَعْرِضُ فِيهَا، بَلْ يَسْأَلُ اللَّهَ رَفْعَ الْعَارِضِ، وَإِبْقَاءِ النِّعْمَةِ، وَفِيهِ أَنَّ الدُّعَاءَ يَرْفَعُ الضُّرَّ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ وَإِنْ كَانَ مَقَامُ الْأَفْضَلِ التَّفْوِيضَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عَالِمًا بِمَا وَقَعَ لَهُمْ مِنَ الْجَدْبِ وَآخِرُ السُّؤَالِ تَفْوِيضًا لِرَبِّهِ، ثُمَّ أَجَابَهُمْ بِمَا سَأَلُوهُ بَيَانًا لِلْجِوَارِ وَتَقْرِيرًا لِسُنَّةِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الْخَاصَّةِ، أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ، وَفِيهِ قِيَامُ الْوَاحِدِ بِأَمْرِ الْجَمَاعَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُبَاشِرْ ذَلِكَ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ لِسُلُوكِهِمُ الْأَدَبَ بِالتَّسْلِيمِ وَتَرْكِ الِابْتِدَاءِ بِالسُّؤَالِ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَنَسٍ: كَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنَ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلُهُ، وَفِيهِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ فِي إِجَابَةِ دُعَائِهِ عَقِبَهُ أَوْ مَعَهُ ابْتِدَاءً فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَانْتِهَاءً فِي الِاسْتِصْحَاءِ وَامْتِثَالُ السَّحَابِ أَمْرَهُ بِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ، وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ عَنْ شُيُوخِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَإِسْمَاعِيلَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، الثَّلَاثَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَتَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شَرِيكٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ نَحْوُهُ، وَلَهُ طُرُقٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، (قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَأَدْرَكَ الْخُطْبَةَ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي الْمَسْجِدِ وَفِي بَيْتِهِ إِذَا رَجَعَ قَالَ مَالِكٌ) أَعَادَهُ لِيَفْصِلَ بَيْنَ التَّصْوِيرِ وَالْحُكْمِ (هُوَ مِنْ ذَلِكَ فِي سَعَةٍ) بِالْفَتْحِ فُسْحَةٌ (إِنْ شَاءَ فَعَلَ أَوْ تَرَكَ) إِذَنْ شَأْنُ النَّوَافِلِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 652
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست