responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 599
(إِنَّكَ فِي زَمَانٍ كَثِيرٌ) بِالْجَرِّ صِفَةٌ جُرَّتْ مَنْ هِيَ لَهُ، وَالرَّفْعُ خَبَرٌ لِقَوْلِهِ: (فُقَهَاؤُهُ) الْمُسْتَنْبِطُونَ لِلْأَحْكَامِ مِنَ الْقُرْآنِ كَمَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ حَالِ الصَّحَابَةِ (قَلِيلٌ) بِالرَّفْعِ وَالْخَفْضِ كَسَابِقِهِ (قُرَّاؤُهُ) الْخَالُونَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَعَانِيهِ وَالْفِقْهِ فِيهِ، فَلَمْ يَرِدْ أَنَّ قُرَّاءَ الْقُرْآنِ قَلِيلٌ فِي زَمَانِهِ بَلْ مَدَحَ زَمَانَهُ بِكَثْرَةِ الْفُقَهَاءِ وَجُلُّ فِقْهِهِمْ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ وَالِاسْتِنْبَاطِ مِنْهُ، وَأَنَّ مَنْ يَقْرَأْهُ بِلَا فِقْهٍ قَلِيلٌ، وَمُحَالٌ أَنْ يَسْتَنْبِطَ مِنْهُ مَنْ لَا يَحْفَظُهُ وَأَنْ يُوصَفَ بِالْفِقْهِ مَنْ لَا يَقْرَؤُهُ، وَأَنْ يَقْصِدَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَعَ فَضْلِهِ وَمَحَلِّهِ مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ أَنْ يَمْدَحَ زَمَانَ الصَّحَابَةِ بِقِلَّةِ الْقُرَّاءِ فِيهِ وَهُمْ كَانُوا أَلْهَجَ النَّاسِ بِهِ لِمَا رَأَوْا مِنْ تَفْضِيلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ تَعْلَّمَهُ وَعَلَّمَهُ وَتَقْدِيمِهِ فِي اللَّحْدِ مَنْ كَانَ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ، وَنِدَائِهِ أَصْحَابِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ: " «أَيْنَ أَصْحَابُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ؟» " أَيِ: الَّتِي يُجَلُّ عَنِ الْفِرَارِ صَاحِبُهَا، وَإِنَّمَا يَدْعُو بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ، إِذْ لَا يَنْتَفِعُ فِي مَوَاطِنِ الشَّدَائِدِ بِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَلَا يَكَادُ يَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ إِلَى مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ أَكْثَرَهُ، فَثَبَتَ أَنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ وَحِفْظَهُ مَنْ أَفْضَلِ الْمَنَاقِبِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَابَ بِهِ، فَيَجِبُ تَأْوِيلَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِمَا قُلْنَا (تُحْفَظُ فِيهِ حُدُودُ الْقُرْآنِ) بِإِقَامَتِهَا وَالْوُقُوفِ عِنْدَهَا وَإِظْهَارِ الْحَقِّ وَأَحْكَامِ الْقُرْآنِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ، وَذَلِكَ عَامٌّ بَيْنَ رَاغِبٍ فِيهِ وَمَحْمُولٌ عَلَيْهِ، مِنْ مُنَافِقٍ أَوْ مُسْرِفٍ عَلَى نَفْسِهِ مِمَّنْ لَمْ يُدْرِكِ الْمُصْطَفَى، وَأَنَّ هَذَا الصِّنْفَ لَا يَقْرَءُونَهُ وَإِنِ الْتَزَمُوا أَحْكَامَهُ خَوْفًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالْفُضَلَاءِ، وَهَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: (وَتُضَيَّعُ حُرُوفُهُ) فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْحُرُوفِ لَا يَخْلُو أَنْ يَزِيدَ مِنْ نَحْوِ أَلِفٍ وَلَامٍ أَوْ يَزِيدَ لُغَاتُهُ، وَفِي تَضْيِيعِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مَنْعٌ مِنْ حِفْظِهِ، وَلَمْ يَرِدْ أَنَّ فُضَلَاءَ الصَّحَابَةِ يُضَيِّعُونَ حُرُوفَهُ إِذْ لَوْ ضَيَّعُوهَا لَمْ يَصِلْ أَحَدٌ إِلَى مَعْرِفَةِ حُدُودِهِ، إِذْ لَا يُعْرَفُ مَا تَضَمَّنَ مِنَ الْأَحْكَامِ إِلَّا مَنْ قَرَأَ الْحُرُوفَ وَعَرَفَ مَعَانِيهَا، قَالَهُ كُلُّهُ الْبَاجِيُّ.
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيِ الْمُحَافِظُونَ عَلَى حُدُودِهِ أَكْثَرُ مِنَ الْمُحَافِظِينَ عَلَى التَّوَسُّعِ فِي مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ الْقِرَاءَاتِ.
وَقَالَ الْبَوْنِيُّ فِيهِ: إِنَّ تَعَلُّمَ حُدُودِهِ وَاجِبٌ، وَحِفْظَ حُرُوفِهِ؛ أَيِ: الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ، مُسْتَحَبٌّ (قَلِيلٌ مَنْ يَسْأَلُ) الْمَالَ لِكَثْرَةِ الْمُتَعَفِّفِينَ (كَثِيرٌ مَنْ يُعْطِي) لِكَثْرَةِ الْمُتَصَدِّقِينَ.
وَقِيلَ: أَرَادَ مَنْ يَسْأَلُ الْعِلْمَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ حِينَئِذٍ كَانُوا كُلُّهُمْ فُقَهَاءَ (يُطِيلُونَ فِيهِ الصَّلَاةَ) أَفْذَاذًا أَوْ جَمَاعَةً بِشَرْطِهِ (وَيُقَصِّرُونَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الصَّادِ مِنْ " أَقْصَرَ " وَبِفَتْحِهِ وَضَمِّهَا مِنْ قَصَرَ (الْخُطْبَةَ) أَيْ: يَعْمَلُونَ بِالسُّنَّةِ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ بِذَلِكَ وَيَفْعَلُهُ، وَكَانَ يَخْطُبُ بِكَلِمَاتٍ قَلِيلَةٍ طَيِّبَةٍ وَكَرِهَ التَّشَدُّقَ، وَالْمَوْعُوظُ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَا حُفِظَ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ الْقِلَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَخَوَّلُنَا؛ أَيْ: يَتَعَهَّدُنَا بِالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ» .
قَالَ الْبَاجِيُّ: وَفِيهِ مَعْنًى آخَرُ أَنَّ الْخُطْبَةَ وَعْظٌ وَالصَّلَاةُ عَمَلٌ يُرِيدُ أَنَّ عَمَلَهُمْ كَثِيرٌ وَوَعْظَهُمْ قَلِيلٌ (يُبَدُّونَ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ يُقَدِّمُونَ (أَعْمَالَهُمْ قَبْلَ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 599
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست