responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل السلام نویسنده : الصنعاني، أبو إبراهيم    جلد : 2  صفحه : 313
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ الرَّضَاعُ الْمُحَرِّمُ مَا كَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ وَلَمْ يُقَدِّرُوهُ بِزَمَانٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إنْ فُطِمَ وَلَهُ عَامٌ وَاحِدٌ وَاسْتَمَرَّ فِطَامُهُ ثُمَّ رَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ لَمْ يُحَرِّمْ هَذَا الرَّضَاعُ شَيْئًا، وَإِنْ تَمَادَى رَضَاعُهُ وَلَمْ يُفْطَمْ فَمَا يَرْضَعُ، وَهُوَ فِي الْحَوْلَيْنِ حَرَّمَ وَمَا كَانَ بَعْدَهُمَا لَا يُحَرِّمُ، وَإِنْ تَمَادَى إرْضَاعُهُ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أُخَرُ عَارِيَّةٌ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ، فَلَا نُطِيلُ بِهَا الْمَقَالَ وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ «إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» وَتَقَدَّمَ، فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى مَنْ يُشْبِعُهُ اللَّبَنُ وَيَكُونُ غِذَاءَهُ لَا غَيْرَهُ، فَلَا يَدْخُلُ الْكَبِيرُ سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ. وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ سَالِمٍ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِقِصَّةِ سَهْلَةَ، فَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " لَا نَرَى هَذَا إلَّا خَاصًّا بِسَالِمٍ، وَلَا نَدْرِي لَعَلَّهُ رُخْصَةٌ لِسَالِمٍ ". أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ.
وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِتَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ بِأَنَّ الْآيَةَ وَحَدِيثَ «إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» وَارِدَانِ لِبَيَانِ الرَّضَاعَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَةِ لِلْمُرْضِعَةِ وَاَلَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْأَبَوَانِ رَضِيَا أَمْ كَرِهَا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ آخِرُ الْآيَةِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَعَائِشَةُ هِيَ الرَّاوِيَةُ لِحَدِيثِ «إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» وَهِيَ الَّتِي قَالَتْ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ، وَأَنَّهُ يُحَرِّمُ فَدَلَّ أَنَّهَا فَهِمَتْ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ.
وَأَمَّا قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ إنَّهُ خَاصٌّ بِسَالِمٍ فَذَلِكَ تَظَنُّنٌ مِنْهَا، وَقَدْ أَجَابَتْ عَلَيْهَا عَائِشَةُ، فَقَالَتْ: أَمَا لَك فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَسَكَتَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، وَلَوْ كَانَ خَاصًّا لَبَيَّنَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا بَيَّنَ اخْتِصَاصَ أَبِي بُرْدَةَ بِالتَّضْحِيَةِ بِالْجَذَعَةِ مِنْ الْمَعْزِ.
وَالْقَوْلُ بِالنَّسْخِ يَدْفَعُهُ أَنَّ قِصَّةَ سَهْلَةَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ نُزُولِ آيَةِ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنَّهَا «قَالَتْ سَهْلَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ» ، فَإِنَّ هَذَا السُّؤَالَ مِنْهَا اسْتِنْكَارٌ لِرَضَاعِ الْكَبِيرِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ التَّحْلِيلَ بَعْدَ اعْتِقَادِ التَّحْرِيمِ.
(قُلْت) : وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرَّضَاعَةَ لُغَةً إنَّمَا تَصْدُقُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي سِنِّ الصِّغَرِ وَعَلَى اللُّغَةِ وَرَدَتْ آيَةُ الْحَوْلَيْنِ وَحَدِيثُ إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْآيَةَ لِبَيَانِ الرَّضَاعَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَةِ لَا يُنَافِي أَيْضًا أَنَّهَا لِبَيَانِ زَمَانِ الرَّضَاعَةِ بَلْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى زَمَانَ مَنْ أَرَادَ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ وَلَيْسَ بَعْدَ التَّمَامِ مَا يَدْخُلُ فِي حُكْمِ مَا حَكَمَ الشَّارِعُ بِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ حَدِيثِ سَهْلَةَ وَمَا عَارَضَهُ: كَلَامُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّهُ يُعْتَبَرُ الصِّغَرُ فِي الرَّضَاعَةِ إلَّا إذَا دَعَتْ إلَيْهِ الْحَاجَةُ كَرَضَاعِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَغْنِي عَنْ دُخُولِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَشَقَّ احْتِجَابُهَا عَنْهُ كَحَالِ سَالِمٍ مَعَ امْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَمِثْلُ هَذَا الْكَبِيرِ إذَا أَرْضَعَتْهُ لِلْحَاجَةِ أَثَّرَ رَضَاعُهُ. وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ الصِّغَرِ انْتَهَى. فَإِنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ حَسَنٌ وَإِعْمَالٌ لَهَا مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ لِظَاهِرِهَا بِاخْتِصَاصٍ، وَلَا نَسْخٍ، وَلَا إلْغَاءٍ لِمَا اعْتَبَرَتْهُ اللُّغَةُ وَدَلَّتْ لَهُ الْأَحَادِيثُ.

نام کتاب : سبل السلام نویسنده : الصنعاني، أبو إبراهيم    جلد : 2  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست