responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل السلام نویسنده : الصنعاني، أبو إبراهيم    جلد : 2  صفحه : 211
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQسَخَطَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمَانِعِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ فِي بَدَنٍ أَوْ مَالٍ قِيلَ: وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَعْنُ الْعَاصِي الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِرْهَابِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُوَاقِعَ الْمَعْصِيَةَ فَإِذَا وَاقَعَهَا دُعِيَ لَهُ بِالتَّوْبَةِ، وَالْمَغْفِرَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ نَقْلِهِ لِهَذَا عَنْ الْمُهَلَّبِ لَيْسَ هَذَا التَّقْيِيدُ مُسْتَفَادًا مِنْ الْحَدِيثِ بَلْ مِنْ أَدِلَّةٍ أُخْرَى، وَالْحَقُّ أَنَّ مَنْ مَنَعَ اللَّعْنَ أَرَادَ بِهِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيَّ، وَهُوَ الْإِبْعَادُ مِنْ الرَّحْمَةِ، وَهَذَا لَا يَلِيقُ أَنْ يُدْعَى بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ بَلْ يُطْلَبُ لَهُ الْهِدَايَةُ وَالتَّوْبَةُ وَالرُّجُوعُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَاَلَّذِي أَجَازَهُ أَرَادَ مَعْنَاهُ الْعُرْفِيَّ، وَهُوَ مُطْلَقُ السَّبِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَرْتَدِعُ الْعَاصِي بِهِ وَيَنْزَجِرُ، وَلَعْنُ الْمَلَائِكَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ اللَّعْنِ مِنَّا فَإِنَّ التَّكْلِيفَ مُخْتَلِفٌ انْتَهَى كَلَامُهُ.
(قُلْت) قَوْلُ الْمُهَلَّبِ إنَّهُ يُلْعَنُ قَبْلَ وُقُوعِ الْمَعْصِيَةِ لِلْإِرْهَابِ كَلَامٌ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَعْنُهُ قَبْلَ إيقَاعِهِ لَهَا أَصْلًا لِأَنَّ سَبَبَ اللَّعْنِ وُقُوعُهَا مِنْهُ فَقَبْلَ وُقُوعِ السَّبَبِ لَا وَجْهَ لِإِيقَاعِ الْمُسَبَّبِ. ثُمَّ إنَّهُ رَتَّبَ فِي الْحَدِيثِ لَعْنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى إبَاءِ الْمَرْأَةِ عَنْ الْإِجَابَةِ، وَأَحَادِيثُ " لَعَنَ اللَّهُ شَارِبَ الْخَمْرِ " رُتِّبَ فِيهَا اللَّعْنُ عَلَى وَصْفِ كَوْنِهِ شَارِبًا، وَقَوْلُ الْحَافِظِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ مَعْنَاهُ الْعُرْفِيُّ جَازَ لَا يَخْفَى أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلشَّارِعِ إلَّا الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَنَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُ مَنْ ذُكِرَ، وَبِأَنَّهُ تَعَالَى لَعَنَ شَارِبَ الْخَمْرِ، وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِلَعْنِهِ فَإِنْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِلَعْنِهِ وَجَبَ عَلَيْنَا الِامْتِثَالُ، وَلَعْنُهُ مَا لَمْ تُعْلَنْ تَوْبَتُهُ، وَنُدِبَ لَنَا الدُّعَاءُ لَهُ بِالتَّوْفِيقِ لِلتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُ مَنْ ذُكِرَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ عَامٌّ يَشْمَلُ مَنْ يَلْعَنُونَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ، وَهُمْ الْمُرَادُونَ فِي الْآيَةِ إذْ الْمُرَادُ مِنْ عُصَاةِ أَهْلِ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُمْ الْمُحْتَاجُونَ إلَى الِاسْتِغْفَارِ لَا أَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِقَوْلِهِ {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا} [غافر: 7]- الْآيَةَ كَمَا قِيلَ لِأَنَّ التَّائِبَ مَغْفُورٌ لَهُ، وَإِنَّمَا دُعَاؤُهُمْ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ تَعَبُّدٌ، وَزِيَادَةُ تَنْوِيهٍ بِشَأْنِ التَّائِبِينَ، وَأَمَّا شُمُولُ عُمُومِهَا الْكُفَّارَ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَامُوا بِالْأَمْرَيْنِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَفِي الْحَدِيثِ رِعَايَةُ اللَّهِ لِعَبْدِهِ، وَلَعْنُ مَنْ عَصَاهُ فِي قَضَاءِ شَهْوَتِهِ مِنْهُ، وَأَيُّ رِعَايَةٍ أَعْظَمُ مِنْ رِعَايَةِ الْمِلْكِ الْكَبِيرِ لِلْعَبْدِ الْحَقِيرِ فَلْيَكُنْ لِنِعَمِ مَوْلَاهُ ذَاكِرًا، وَلِأَيَادِيهِ شَاكِرًا، وَمِنْ مَعَاصِيهِ مُحَاذِرًا، وَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ الشَّرِيفَةِ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ مُذَاكِرًا.

نام کتاب : سبل السلام نویسنده : الصنعاني، أبو إبراهيم    جلد : 2  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست