نام کتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين نویسنده : ابن علان جلد : 1 صفحه : 83
تنبيه: لم يقع من يوسف عليه السلام همّ بمعصية على ما قاله ابن أبي حاتم ومن وافقه ومعنى الآية عندهم: {وهمّ بها لو أن رأى برهان ربه} (يوسف: 24) ؛ أي: لولا رؤية البرهان لهمّ لكنه لم يهمّ لأنه رآه. وعلى المشهور في الآية فالهمّ الواقع منه بمعنى حديث النفس المعفوّ عنه. واعلم أن ما يقع في النفس من قصد المعصية على خمس مراتب: الأولى: الهاجس وهو ما يلقى فيها. ثم جريانه فيها وهو الخاطر. ثم حديث النفس وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل أو لا. ثم الهمّ وهو قصد ترجيح الفعل. ثم العزم وهو قوة ذلك القصد والجزم به. فالهاجس لا يؤاخذ به إجماعاً لأنه ليس من فعله وإنما هو شيء طرقه قهراً عليه، وما بعده من الخاطر وحديث النفس وإن قدر على دفعهما مرفوعان بالحديث الصحيح: أي: وهو قوله: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به» أي: في المعاصي القولية «أو تعمل به» أي: في المعاصي الفعلية، لأن حديثها إذا ارتفع فما قبله أولى، وهذه المراتب لا أجر فيها في الحسنات أيضاً لعدم القصد. وأما الهمّ فقد بين الحديث الصحيح أنه بالحسنة يكتب حسنة وبالسيئة لا يكتب سيئة، ثم ينظر فإن تركه كتب حسنة؛ وإن فعله كتبت سيئة واحدة. والأصح في معناه أن يكتب عليه الفعل وحده وهو معنى قوله واحدة، وإن الهمّ مرفوع، ومنه يعلم أن قوله في حديث النفس «ما لم تتكلم أو تعمل به» ليس له مفهوم حتى يقال إنها إذا تكلمت أو علمت يكتب حديث النفس، لأنه إذا كان الهم لا يكتب كما استفيد من قوله واحدة فحديث النفس أولى بذلك، كذا قال السبكي في الحلبيات وخالف نفسه في «شرح المنهاج» وتبعه ولده، وعبارته في منع الموانع هنا دقيقة، وقد نبهنا عليها في «جمع الجوامع» هي: أن عدم المؤاخذة بحديث النفس والهمّ ليس مطلقاً، بل بشرط عدم التكلم والعمل حتى إذا عمل يؤاخذ بشيئين همه وعمله، ولا يكون همه مغفوراً ولا حديث نفسه إلا إذا لم يعقبه كما هو ظاهر الحديث. ثم حكى
كلام أبيه ورجح المؤاخذة. وخالفه غيره فرجح عدمها. قال وإلا يلزم أن يعاقب على المعصية عقوبتين، ونظر بأنه لا يلزم عليه ذلك لأن الهمّ حينئذٍ صار معصية أخرى. ثم قال في «الحلبيات» : وأما العزم فالمحققون على أنه يؤاخذ به، وخالف بعضهم وقال: إنه من الهم المرفوع، واستدل له بما لا يجدي. قال ابن رزين: والعزم على الكبيرة وإن كان سيئة فهو دون الكبيرة المعزوم عليها، والله أعلم (متفق عليه) .
نام کتاب : دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين نویسنده : ابن علان جلد : 1 صفحه : 83