responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 2  صفحه : 378
وَدَخَلُوا عَلَى بَعْضِ الصَّالِحِينَ، فَقَلَّبُوا بَصَرَهُمْ فِي بَيْتِهِ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا نَرَى بَيْتَكَ بَيْتَ رَجُلٍ مُرْتَحِلٍ، فَقَالَ: أَمُرْتَحِلٌ؟ لَا أَرْتَحِلُ وَلَكِنْ أُطْرَدُ طَرْدًا. وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: إِنَّ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَتْ مُدْبِرَةً، وَإِنَّ الْآخِرَةَ قَدِ ارْتَحَلَتْ مُقْبِلَةً، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بِنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ، وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلَ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: عَجِبْتُ مِمَّنِ الدُّنْيَا مُوَلِّيَةٌ عَنْهُ، وَالْآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ إِلَيْهِ يَشْغَلُ بِالْمُدْبِرَةِ، وَيُعْرِضُ عَنِ الْمُقْبِلَةِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خُطْبَتِهِ: إِنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِدَارِ قَرَارِكُمْ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْفَنَاءَ، وَكَتَبَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِهَا مِنْهَا الظَّعْنَ، فَكَمْ مِنْ عَامِرٍ مُوثَقٍ عَنْ قَلِيلٍ يَخْرَبُ، وَكَمْ مِنْ مُقِيمٍ مُغْتَبَطٍ عَمَّا قَلِيلٍ يَظْعَنُ، فَأَحْسِنُوا - رَحِمَكُمُ اللَّهُ - مِنْهَا الرِّحْلَةَ بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ النُّقْلَةِ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى. وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِ دَارَ إِقَامَةٍ، وَلَا وَطَنًا، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ حَالُهُ فِيهَا عَلَى أَحَدِ حَالَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَأَنَّهُ غَرِيبٌ مُقِيمٌ فِي بَلَدِ غُرْبَةٍ، هَمُّهُ التَّزَوُّدُ لِلرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ، أَوْ يَكُونَ كَأَنَّهُ مُسَافِرٌ غَيْرُ مُقِيمٍ الْبَتَّةَ، بَلْ هُوَ لَيْلُهُ وَنَهَارُهُ، يَسِيرُ إِلَى بَلَدِ الْإِقَامَةِ، فَلِهَذَا وَصَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ. فَأَحَدُهُمَا: أَنْ يَتْرُكَ الْمُؤْمِنُ نَفْسَهُ كَأَنَّهُ غَرِيبٌ فِي الدُّنْيَا يَتَخَيَّلُ الْإِقَامَةَ، لَكِنْ فِي بَلَدِ غُرْبَةٍ، فَهُوَ غَيْرُ مُتَعَلِّقِ الْقَلْبِ بِبَلَدِ الْغُرْبَةِ، بَلْ قَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ بِوَطَنِهِ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُقِيمٌ فِي الدُّنْيَا لِيَقْضِيَ مَرَمَّةَ جِهَازِهِ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ، قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا مَهْمُومٌ حَزِينٌ، هَمُّهُ مَرَمَّةُ جِهَازِهِ. وَمَنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا كَذَلِكَ، فَلَا هَمَّ لَهُ إِلَّا فِي التَّزَوُّدِ بِمَا يَنْفَعُهُ عِنْدَ عَوْدِهِ إِلَى

نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 2  صفحه : 378
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست