responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 2  صفحه : 26
وَمِنْ أَفْضَلِ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ: الصِّيَامُ، فَإِنَّهُ يَجْمَعُ الصَّبْرَ عَلَى الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ، لِأَنَّهُ صَبْرٌ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَصَبْرٌ عَنْ مَعَاصِي اللَّهِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ يَتْرُكُ شَهَوَاتِهِ لِلَّهِ وَنَفْسُهُ قَدْ تُنَازِعُهُ إِلَيْهَا، وَلِهَذَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، إِنَّهُ تَرَكَ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي» ، وَفِيهِ أَيْضًا صَبْرٌ عَلَى الْأَقْدَارِ الْمُؤْلِمَةِ بِمَا قَدْ يَحْصُلُ لِلصَّائِمِ مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمِّي شَهْرَ الصِّيَامِ شَهْرَ الصَّبْرِ. وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ الرَّجُلِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ الصَّوْمَ نِصْفُ الصَّبْرِ» ، وَرُبَّمَا عُسْرُ الْوُقُوفُ عَلَى سِرِّ كَوْنِهِ نِصْفَ الصَّبْرِ أَكْثَرُ مِنْ عُسْرِ الْوُقُوفِ عَلَى سِرِّ كَوْنِ الطُّهُورِ شَطْرَ الْإِيمَانِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ حُجَّةٌ عَلَيْكَ» ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82] [الْإِسْرَاءِ: 82] . قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَا جَالَسَ أَحَدٌ الْقُرْآنَ، فَقَامَ عَنْهُ سَالِمًا؛ بَلْ إِمَّا أَنْ يَرْبَحَ أَوْ أَنْ يَخْسَرَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ. وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُمَثَّلُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلًا، فَيُؤْتَى بِالرَّجُلِ قَدْ حَمَلَهُ، فَخَالَفَ أَمْرَهُ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ خَصْمًا، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَمَّلْتَهُ إِيَّايَ فَشَرُّ حَامِلٍ تَعَدَّى حُدُودِي، وَضَيَّعَ فَرَائِضِي، وَرَكِبَ مَعْصِيَتِي، وَتَرَكَ طَاعَتِي، فَمَا يَزَالُ يَقْذِفُ عَلَيْهِ بِالْحُجَجِ حَتَّى يُقَالَ: شَأْنَكَ بِهِ، فَيَأْخُذُهُ بِيَدِهِ، فَمَا يُرْسِلُهُ حَتَّى يَكُبَّهُ عَلَى مَنْخَرِهِ فِي النَّارِ، وَيُؤْتَى بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ كَانَ قَدْ حَمَلَهُ وَحَفِظَ أَمْرَهُ، فَيَمْتَثِلُ خَصْمًا دُونَهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَمَّلْتَهُ إِيَّايَ، فَخَيْرُ حَامِلٍ: حِفِظَ حُدُودِي، وَعَمِلَ بِفَرَائِضِي، وَاجْتَنَبَ مَعْصِيَتِي، وَاتَّبَعَ طَاعَتِي، فَمَا يَزَالُ يَقْذِفُ لَهُ بِالْحُجَجِ حَتَّى يُقَالَ: شَأْنَكَ بِهِ، فَيَأْخُذُهُ بِيَدِهِ، فَمَا يُرْسِلُهُ حَتَّى يُلْبِسَهُ حُلَّةَ الْإِسْتَبْرَقِ، وَيَعْقِدَ عَلَيْهِ تَاجَ الْمُلْكِ، وَيَسْقِيَهُ كَأْسَ الْخَمْرِ» . وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، فَمَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ، قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمِنْ جَعَلَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، قَادَهُ إِلَى النَّارِ. وَعَنْهُ قَالَ: يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَشْفَعُ لِصَاحِبِهِ، فَيَكُونُ قَائِدًا إِلَى الْجَنَّةِ، أَوْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ سَائِقًا إِلَى النَّارِ.

نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 2  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست