responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 2  صفحه : 212
وَاخْتَلَفُوا: هَلْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ - أَعْنِي الضُّرَّ وَالضِّرَارَ - فَرْقٌ أَمْ لَا؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا، ثُمَّ قِيلَ: إِنَّ الضَّرَرَ هُوَ الِاسْمُ، وَالضِّرَارَ الْفِعْلُ، فَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّرَرَ نَفْسَهُ مُنْتَفٍ فِي الشَّرْعِ، وَإِدْخَالُ الضَّرَرِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَذَلِكَ.
وَقِيلَ: الضَّرَرُ: أَنْ يُدْخِلَ عَلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا بِمَا يَنْتَفِعُ هُوَ بِهِ، وَالضِّرَارُ: أَنْ يُدْخِلَ عَلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا بِلَا مَنْفَعَةٍ لَهُ بِهِ، كَمَنْ مَنَعَ مَا لَا يَضُرُّهُ وَيَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَمْنُوعُ، وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ طَائِفَةٌ، مِنْهُمُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَابْنُ الصَّلَاحِ.
وَقِيلَ: الضَّرَرُ: أَنْ يَضُرَّ بِمَنْ لَا يَضُرُّهُ، وَالضِّرَارُ: أَنْ يَضُرَّ بِمَنْ قَدْ أَضَرَّ بِهِ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ جَائِزٍ.
وَبِكُلِّ حَالٍ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَفَى الضَّرَرَ وَالضِّرَارَ بِغَيْرِ حَقٍّ.
فَأَمَّا إِدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَى أَحَدٍ بِحَقٍّ، إِمَّا لِكَوْنِهِ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ، فَيُعَاقَبُ بِقَدْرِ جَرِيمَتِهِ، أَوْ كَوْنِهِ ظَلَمَ غَيْرَهُ، فَيَطْلُبُ الْمَظْلُومُ مُقَابَلَتَهُ بِالْعَدْلِ، فَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ: إِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذَا عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ سِوَى الضَّرَرِ بِذَلِكَ الْغَيْرِ، فَهَذَا لَا رَيْبَ فِي قُبْحِهِ وَتَحْرِيمِهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ النَّهْيُ عَنِ الْمُضَارَّةِ فِي مَوَاضِعَ: مِنْهَا فِي الْوَصِيَّةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12] [النِّسَاءِ: 12] ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَرْفُوعِ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ، فَيُضَارُّ فِي الْوَصِيَّةِ، فَيَدْخُلُ النَّارَ» ، ثُمَّ تَلَا: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [النساء: 13] إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 14] [النِّسَاءِ: 13 - 14] ، وَقَدْ خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَعْنَاهُ.

نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 2  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست