responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 2  صفحه : 102
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ وَابِصَةَ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ: «وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ» يَعْنِي: أَنَّ مَا حَاكَ فِي صَدْرِ الْإِنْسَانِ فَهُوَ إِثْمٌ، وَإِنْ أَفْتَاهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ، بِإِثْمٍ فَهَذِهِ مَرْتَبَةٌ ثَانِيَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مُسْتَنْكَرًا عِنْدَ فَاعِلِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَدْ جَعَلَهُ أَيْضًا إِثْمًا، وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ صَاحِبُهُ مِمَّنْ شُرِحَ صَدْرُهُ بِالْإِيمَانِ، وَكَانَ الْمُفْتِي يُفْتِي لَهُ بِمُجَرَّدِ ظَنٍّ أَوْ مَيْلٍ إِلَى هَوًى مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، فَأَمَّا مَا كَانَ مَعَ الْمُفْتِي بِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْتَفْتِي الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْشَرِحْ لَهُ صَدْرُهُ، وَهَذَا كَالرُّخْصَةِ الشَّرْعِيَّةِ، مِثْلُ: الْفِطْرِ فِي السِّفْرِ، وَالْمَرَضِ، وَقَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْشَرِحُ بِهِ صُدُورُ كَثِيرٍ مِنَ الْجُهَّالِ، فَهَذَا لَا عِبْرَةَ بِهِ.
وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْيَانًا يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِمَا لَا تَنْشَرِحُ بِهِ صُدُورُ بَعْضِهِمْ، فَيَمْتَنِعُونَ مِنْ فِعْلِهِ، فَيَغْضَبُ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا أَمَرَهُمْ بِفَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ، فَكَرِهَهُ مِنْ كَرِهَهُ مِنْهُمْ، وَكَمَا أَمَرَهُمْ بِنَحْرِ هَدْيِهِمْ، وَالتَّحَلُّلِ مِنْ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَكَرِهُوهُ، وَكَرِهُوا مُقَاضَاتَهُ لِقُرَيْشٍ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ مِنْ عَامِهِ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ مِنْهُمْ يَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ.
وَفِي الْجُمْلَةِ، فَمَا وَرَدَ النَّصُّ بِهِ، فَلَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ إِلَّا طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] [الْأَحْزَابِ: 36] .

نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 2  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست