responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 3  صفحه : 260
(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» ) .

(ص) : (مَالِكٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْت فِيهَا الذَّنْبَ وَأُجَاوِرُك وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ» )
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّوْحِيدِ الَّذِي يَنْفِي الْكُفْرَ وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا مُوجِبُ قَوْلِهِ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لَقَرَنَ الْأَمْرَ بِهَا بِالْأَمْرِ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ.

(ش) : قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ عَلَى سَبِيلِ الْقَسَمِ وَيَقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ الْقَسَمَ بِهِ وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى مَا يَنْفَرِدُ بِهِ تَعَالَى مِنْ تَقْلِيبِ الْقُلُوبِ مِنْ الرِّضَا بِالشَّيْءِ إلَى الْكَرَاهِيَةِ وَمِنْ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ إلَى الْعَزْمِ عَلَى التَّرْكِ وَفِي ذَلِكَ مَعْنًى آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْحَلِفُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَأَوْصَافِهِ بِغَيْرِ اللَّهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ الْحَالِفُ فَيَقُولُ لَا وَخَالِقِ الْخَلْقِ وَبَاسِطِ الرِّزْقِ وَمُدَبِّرِ الْأُمُورِ وَفَالِقِ الْإِصْبَاحِ وَجَاعِلِ اللَّيْلِ سَكَنًا وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ.

(ش) : قَوْلُهُ «إنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَالَ حِينَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ: أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أَصَبْت فِيهَا الذَّنْبَ» عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِقْلَاعِ عَنْ الذَّنْبِ وَتَرْكِ كُلِّ مَا كَانَ سَبَبًا إلَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ مَقَامُهُ بِبَلَدِهِ أَوْ مَالُهُ بِهَا مِنْ مَالِ الْمَسَاكِينِ وَالْمَالُ سَبَبُ ذَلِكَ الذَّنْبِ.
وَقَدْ يَكُونُ سَبَبُهُ بُعْدَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ لَمْ يُجَاوِرْهُ فَيَعِظُهُ وَيَنْهَاهُ وَيُعَلِّمُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ وَأُجَاوِرُك.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ (وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ) يُرِيدُ التَّقَرُّبَ بِذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالشُّكْرَ لَهُ تَعَالَى عَلَى تَوْبَتِهِ بَعْدَ تَوَرُّطِهِ فِي الذَّنْبِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ يُجْزِيك مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ الْتَزَمَ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ يُجْزِيك مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ فِيهِ حُكْمٌ فَيُقَالُ لَهُ يُجْزِيك مِنْ ذَلِكَ كَذَا وَلَوْ كَانَ أَمْرًا لَمْ يَلْزَمْهُ بَعْدُ لَقَالَ تَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِكِ وَأَمْسِكْ عَلَى نَفْسِك الْبَاقِي لِيَكْفِيَك عَنْ الْحَاجَةِ إلَى النَّاسِ كَمَا «قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ لَا قُلْت بِالشَّطْرِ؟ قَالَ لَا قُلْت بِالثُّلُثِ؟ فَقَالَ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ» .
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ فَحَنِثَ فَقَالَ مَالِكٌ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُخْرِجُ جَمِيعَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ دُونَ سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يُخْرِجُ جَمِيعَ مَالِهِ وَإِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ فَإِنَّهُ يُتَأَوَّلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَوْجَبَهُ بَعْدُ وَأَنَّ مَعْنَى يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ أَنَّهُ يُجْزِئُكَ مِنْ غَايَةِ النِّهَايَةِ فِيمَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّ إخْرَاجَ الْإِنْسَانِ جَمِيعَ مَالِهِ ابْتِدَاءً وَيَبْقَى عَالَةً مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَالْأَفْضَلُ لَهُ اسْتِبْقَاءُ أَكْثَرِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29] وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] وَهَذَا فِيمَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ ابْتِدَاءً فَأَمَّا مَا قَدْ الْتَزَمَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ كَالطَّلَاقِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ إيقَاعِ الثَّلَاثِ وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ لَهُ وَاحِدَةٌ فَإِنْ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ لَزِمَتْهُ.
وَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ «يُجْزِئُكَ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ» وَظَاهِرُهُ مَا قُلْنَا وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ اسْتِيعَابَ الْمَالِ بِالصَّدَقَةِ مَمْنُوعٌ فَوَجَبَ أَنْ يُؤَثِّرَ هَذَا الْمَنْعُ فِي الْعُدُولِ عَنْهُ وَأَنْ لَا يَبْطُلَ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ النَّقْصَ لَا يَتَنَاوَلُ الْبَعْضَ فَوَجَبَ رَدُّهُ إلَى الثُّلُثِ كَالْوَصِيَّةِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُ جَمِيعِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ سَوَاءٌ كَانَ مَالُهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَبِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنْ كَانَ غَنِيًّا لَزِمَهُ أَنْ يُخْرِجَ ثُلُثَ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ قَلِيلَ الْمَالِ يُجْحِفُ بِهِ إخْرَاجُ ثُلُثِ مَالِهِ أَجْزَأَهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَفَّارَةُ

نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 3  صفحه : 260
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست