responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 3  صفحه : 171
(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى عَامِلٍ مِنْ عُمَّالِهِ أَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً يَقُولُ لَهُمْ: اُغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ لَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تُمَثِّلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَقُلْ ذَلِكَ لِجُيُوشِك وَسَرَايَاك إنْ شَاءَ اللَّهُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQاحْتَاجَ إلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهَا إلَّا بِتَحْرِيقِهَا أَوْ تَغْرِيقِهَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَا يُتَنَاوَلُ مَا فِي جِبَاحِهَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تَغْلُلْ وَلَا تَجْبُنْ الْغُلُولُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ بَعْضُ الْغَانِمِينَ مَا لَمْ تُصِبْهُ الْمَقَاسِمُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْجُبْنُ الْجَزَعُ وَالْفِرَارُ عَمَّنْ لَا يَجُوزُ الْفِرَارُ عَنْهُ وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَمْ يَكُنْ الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ كَبِيرَةً إلَّا يَوْمَ بَدْرٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45] وقَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} [الأنفال: 15] الْآيَةُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَاعَى فِي جَوَازِ الْفِرَارِ عَنْ الْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا الْعَدَدُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: الْجَلَدُ وَهُوَ السِّلَاحُ وَالْقُوَّةُ، وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْله تَعَالَى {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 65] الْآيَةُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66] .
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا إذَا أُمِنَ أَنْ يَكْثُرُوا فَأَمَّا فِي بِلَادِهِمْ وَحَيْثُ يُخَافُ تَكَاثُرُهُمْ فَإِنَّ لِلْعَدُوِّ الْيَسِيرِ أَنْ يُوَلُّوا عَنْ مِثْلِهِمْ لِأَنَّ فِرَارَهُمْ لَيْسَ عَنْ الْعَدَدِ الْيَسِيرِ وَإِنَّمَا هُوَ مَخَافَةَ أَنْ يَكْثُرُوا وَكَذَلِكَ إنْ فَرَّ عَدَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مِثْلِهِمْ مِنْ الْعَدُوِّ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْفِرَارُ وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ إذَا انْهَزَمَ أَصْحَابُهُ وَيَئِسَ مِنْهُمْ أَنْ يُوَلِّيَ حِينَئِذٍ لِأَنَّ تَوَلِّيَهُ إنَّمَا هُوَ عَنْ جَمَاعَةِ الْعَدُوِّ وَانْحِيَازًا إلَى أَصْحَابِهِ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ ثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَيَئِسَ مِنْ رَجْعَتِهِمْ انْحَازَ فِي آخِرِهِمْ إلَى الْمُسْلِمِينَ.

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً السَّرِيَّةُ مَنْ يَدْخُلُ دَارَ الْحَرْبِ مُسْتَخْفِيًا وَالْجَيْشُ مَنْ يَدْخُلُ مُعْلِنًا وَظَاهِرًا مُغَالِبًا وَلَيْسَ لِعَدَدِهِمَا حَدٌّ. وَقَدْ رُوِيَ خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ وَالطَّلَائِعُ أَرْبَعُونَ وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ وَلَا تَبْيِيتٍ» .
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُقَاتِلُونَ مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ عَلَى مَعْنَى تَبْيِينِ مَا يُفَارِقُهُمْ عَلَيْهِ وَتَذْكِيرِهِمْ بِتَحْقِيقِ النِّيَّةِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَغُلُّوا يُرِيدُ الْغُلُولَ وَسَيَرِدُ بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تَغْدِرُوا وَالْغَدْرُ هُوَ نَقْضُ الْعَهْدِ وَتَرْكُ الْوَفَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِهِمْ وَذَلِكَ مِمَّا لَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُنْصَبُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِغَدْرَتِهِ» .
(مَسْأَلَةٌ) :
وَالتَّأْمِينُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُؤْمَنَ الْعَدُوُّ بِحَيْثُ الْقُوَّةُ لِلْمُسْلِمِينَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ الْغَدْرُ بِهِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَالثَّانِي أَنْ يُؤْمِنَهُمْ الْأَسِيرُ فِي أَيْدِيهِمْ ابْتِدَاءً أَوْ يُطْلِقُوهُ مِنْ الثِّقَافِ بِشَرْطِ ذَلِكَ وَيَتَنَاوَلُ أَحَدَ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُؤْمِنَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَالثَّانِي أَنْ يُؤْمِنَهُمْ مِنْ فِرَارِهِ وَأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَإِنْ أَمِنَهُمْ مِنْ فِرَارِهِ لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لَهُ أَنْ يَفِرَّ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91] قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ إذَا عَاهَدَكُمْ مُخْتَارًا لِلْعَهْدِ وَأَمَّا إنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَيَجُوزُ لَهُ الْفِرَارُ.
1 -

نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 3  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست