responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 54
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَكْلِ.
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ مُلْتَذٌّ بِالْجِمَاعِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَالْمُخْتَارِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الِالْتِذَاذَ لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ عَاصِيًا؛ لِأَنَّ الطَّائِعَ يَتْرُكُ مَا يَشْتَهِيهِ وَيُلْتَذُّ بِهِ فَإِذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ لَا يَلْتَذَّ بِهِ؛ لِأَنَّ الِالْتِذَاذَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَلَا مَوْقُوفًا عَلَى اخْتِيَارِهِ فَهُوَ يَأْتِي مَا لَوْلَا الْإِكْرَاهُ لَمْ يَأْتِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ عَلَى حَسَبِ مَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ مِنْهَا مَا وَجَدَتْ مِنْهُ مِنْ مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ فَلَزِمَهَا مَا لَزِمَهُ كَالْحَدِّ، وَإِنْ كَانَ أَكْرَهَهَا فَاَلَّذِي قَالَهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِ عَنْهَا وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُزَنِيَّة وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فَلَزِمَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهَا كَمَا لَوْ أَكْرَهَهَا عَلَى ذَلِكَ فِي الْحَجِّ.
وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِهَا.
(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يُكَفِّرُ عَنْهَا فَقَدْ قَالَ الْمُغِيرَةُ يُكَفِّرُ عَنْهَا بِعِتْقٍ أَوْ إطْعَامٍ وَالْوَلَاءُ لَهَا.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ «فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُكَفِّرَ» يَقْتَضِي وُجُوبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَقَوْلُهُ «بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ أَوْ إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا» يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ؛ لِأَنَّ أَوْ فِي مِثْلِ هَذَا إنَّمَا هِيَ لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ فِيمَا تَنَاوَلَتْهُ مِنْ حَظْرٍ أَوْ أَبَاحَةً أَوْ جَزَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلشَّكِّ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِوَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ فَيَشُكَّ فِيهِ الرَّاوِي بَلْ الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَمَرَ بِجَمِيعِهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِفَةِ أَمْرِهِ بِهَا فَقَالَ مَالِكٌ هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَنَا أَقُولُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي لَمْ يَأْتِ فِيهِ تَخْيِيرٌ وَلَكِنْ بِالتَّرْتِيبِ كَالظِّهَارِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ الْحَدِيثُ وَلَفْظُهُ لَفْظُ التَّخْيِيرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَأَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى التَّخْيِيرِ فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا مِثْلُهُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذِهِ فِدْيَةٌ يَدْخُلُهَا الْإِطْعَامُ وَتَخْتَصُّ بِإِدْخَالِ نَقْصٍ فِي الْعِبَادَةِ فَكَانَتْ عَلَى التَّخْيِيرِ كَفِدْيَةِ الْأَذَى أَوْ جَزَاءِ الصَّيْدِ.
(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا إنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى التَّخْيِيرِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الْإِطْعَامُ أَفْضَلُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِطْعَامَ أَعَمُّ نَفْعًا؛ لِأَنَّهُ يَحْيَا بِهِ جَمَاعَةٌ لَا سِيَّمَا فِي أَوْقَاتِ الشَّدَائِدِ وَالْمَجَاعَاتِ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَإِنَّ فِيهِ إسْقَاطَ نَفَقَةٍ وَتَكْلِيفَ الْمُعْتَقِ نَفَقَتَهُ وَمُؤْنَتَهُ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا يُرَاعُونَ فِي ذَلِكَ الْأَوْقَاتِ وَالْبِلَادَ فَإِنْ كَانَتْ أَوْقَاتِ شِدَّةٍ وَمَجَاعَةٍ فَالْإِطْعَامُ عِنْدَهُمْ أَفْضَلُ، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ خِصْبٍ وَرَخَاءٍ فَالْعِتْقُ أَفْضَلُ، وَاَلَّذِي احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي تَفْضِيلِ الْإِطْعَامِ أَنَّهُ الْأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ.
وَقَدْ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ مَنْ اسْتَفْتَاهُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْغِنَى الْوَاسِعِ بِالصِّيَامِ لَمَّا عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ أَشُقُّ عَلَيْهِ مِنْ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ وَأَنَّهُ أَرْدَعُ لَهُ عَنْ انْتِهَاك حُرْمَةِ الصَّوْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.

(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَجِبُ مِنْ الْعِتْقِ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ وَسَيَأْتِي وَصْفُهَا مُسْتَوْعَبًا بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا الصِّيَامُ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَعَلَى جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَيْسَ التَّتَابُعُ بِلَازِمٍ فِي ذَلِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ الْخَبَرُ الْمُتَقَدِّمُ وَفِيهِ أَوْ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَرَتَّبَ بِالشَّرْعِ كَفَّارَةً فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ التَّتَابُعُ أَصْلُ ذَلِكَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ.
1 -
(فَرْعٌ) وَأَمَّا الْإِطْعَامُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ مِنْهُ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلُّ مِسْكِينٍ مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ أَشْهَبُ مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ أَوْ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ وَالْإِطْعَامُ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ الْغَدَاءِ وَالْعِشَاءِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْإِطْعَامُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعُ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ وَدَلِيلُنَا عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ كَفَّارَةٌ شُرِعَتْ مِنْ غَيْرِ عَوْدَةٍ وَلَا إمَاطَةِ أَذًى فَكَانَ الْإِطْعَامُ

نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 54
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست