responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 302
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَانَتْ عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فَخَرَجَتْ تَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مَاشِيَةً وَكَانَتْ امْرَأَةً ثَقِيلَةً فَجَاءَتْ حِينَ انْصَرَفَ النَّاسُ مِنْ الْعِشَاءِ فَلَمْ تَقْضِ طَوَافَهَا حَتَّى نُودِيَ بِالْأُولَى مِنْ الصُّبْحِ فَقَضَتْ طَوَافَهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَكَانَ عُرْوَةُ إذَا رَآهُمْ يَطُوفُونَ عَلَى الدَّوَابِّ يَنْهَاهُمْ أَشَدَّ النَّهْيِ فَيَعْتَلُّونَ لَهُ بِالْمَرَضِ حَيَاءً مِنْهُ فَيَقُولُ لَنَا فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ: " لَقَدْ خَابَ هَؤُلَاءِ وَخَسِرُوا ") .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ غَيْرُ مَشْرُوعٍ؟ .
وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنَّهُ سَمِعَ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَذْكُرْ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قِيلَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كُنَّا نَطُوفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَهَلْ عَلَيْنَا مِنْ حَرَجٍ أَنْ لَا نَطُوفَ بِهِمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] الْآيَةَ كُلَّهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَسْمَعُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا فِيمَنْ طَافَ وَفِيمَنْ لَمْ يَطُفْ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنْ خَافَ أَنْ يَخْرُجَ إذَا طَافَ بَيْنَهُمَا.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] بَيَّنَ بِذَلِكَ مَا أَنْزَلَ لِلسَّائِلِينَ مِنْ حُكْمِ سُؤَالِهِمْ وَقَوْلُهُ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] بَيَانٌ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا الْإِبَاحَةَ وَإِنَّمَا هُوَ إنْكَارٌ عَلَى مَنْ يَظُنُّ أَنَّ فِي ذَلِكَ إثْمًا وَحَرَجًا وَبِمَنْزِلَةِ أَنْ يَسْأَلَ سَائِلٌ عَنْ صِيَامِ رَمَضَانَ هَلْ فِيهِ إثْمٌ فَيُقَالُ: هُوَ فَرْضٌ فَلَا يَأْثَمُ أَحَدٌ بِهِ وقَوْله تَعَالَى فِي حُكْمِ مَنْ سَأَلَ هَلْ يَأْثَمُ بِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] إخْبَارٌ عَنْ حُكْمِهِمَا أَنَّهُمَا مِمَّا أُمِرْنَا بِتَعْظِيمِهِ فِي قَوْله تَعَالَى ذَلِكَ {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهَا مِنْ الشَّعَائِرِ الَّتِي شُرِعَ السَّعْيُ بَيْنَهُمَا وَمَنْ كَانَ هَذَا حُكْمُهُ فَلَا جُنَاحَ فِيهِ بَلْ فِيهِ الْأَجْرُ.

(ش) : قَوْلُهُ كَانَتْ سَوْدَةُ عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فَخَرَجَتْ تَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَانَتْ امْرَأَةً ثَقِيلَةً لَا تُكْمِلُ طَوَافَهَا لِثِقَلِهَا إلَّا فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ وَبَيْنَ الْأَذَانِ لِلصُّبْحِ لِثِقَلِ جِسْمِهَا إلَّا أَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ كَانَتْ تَطُوفُ بَيْنَهُمَا مَاشِيَةً وَلَا تَتَرَخَّصُ بِالرُّكُوبِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ أَيْ أُمَّتَاهُ مَا مَنَعَك مِنْ الْعُمْرَةِ عَامَ الْأَوَّلِ فَقَدْ انْتَظَرْنَاكِ فَقَالَتْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةُ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَمْشِيَ بَيْنَهُمَا وَأَكْرَهَ أَنْ أَرْكَبَ بَيْنَهُمَا.
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ لَا يُرْكَبُ بَيْنَهُمَا إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَتْ ضَرُورَةً فَقَدْ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَسْعَى الرَّجُلُ رَاكِبًا مِنْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ يَرْكَبُ بَيْنَهُمَا مَنْ شَاءَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ سَعَى مَاشِيًا» وَأَفْعَالُهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّهُ سَعْيٌ ذُو عَدَدٍ سَبْعٍ فَكَانَ حُكْمُهُ الْمَشْيَ مَعَ الْقُوَّةِ، أَصْلُ ذَلِكَ الطَّوَافُ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ سَعَى رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُ مَا لَمْ يَفُتْ فَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ دَمٌ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعِبَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ فِيهَا مِنْ السَّعْيِ مَا لَمْ يَفُتْ ذَلِكَ فَإِذَا فَاتَ بِانْفِصَالِهِ مِنْ الطَّوَافِ لَمْ يَبْقَ إلَّا جَبْرُهُ بِالدَّمِ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَلَمْ تَقْضِ طَوَافَهَا حَتَّى نُودِيَ بِالْأُولَى مِنْ الصُّبْحِ.
وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَرِيحُ فِي أَثْنَاءِ سَعْيِهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْجُلُوسَ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ لِعُذْرٍ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ مَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى حَدِّ الْقَطْعِ، وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ مَعُونَةً عَلَى الْعِبَادَةِ وَتَسَبُّبًا إلَى إتْمَامِهَا.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا الْجُلُوسُ لِغَيْرِ عِلَّةٍ فَمَمْنُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ لِمَا شُرِعَ فِيهِ مِنْ الْعِبَادَةِ الَّتِي حُكْمُهَا الِاتِّصَالُ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَإِنْ طَالَ الْجُلُوسُ حَتَّى يَكُونَ تَارِكًا لِلسَّعْيِ الَّذِي كَانَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ وَلَا يَبْنِي.
وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهَا عِبَادَةٌ حُكْمُهَا الِاتِّصَالُ فَإِذَا شُغِلَ فِيهَا بِعَمَلٍ يَسِيرٍ لَيْسَ مِنْهَا لَمْ

نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست