responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 269
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوُجُوبٍ وَشُرُوطُ أَدَاءً: فَأَمَّا شُرُوطُ وُجُوبِهِ فَهِيَ: الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ وَأَمَّا شُرُوطُ الْأَدَاءِ فَهِيَ: الِاسْتِطَاعَةُ وَلِإِجْزَائِهِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ: الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ، فَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَجُّ مَعَ تَمَامِ أَحَدِهِمَا وَلَا يَصِحُّ فَرْضُهُ وَلَكِنَّهُ يَصِحُّ نَفْلُهُ مَعَ عَدَمِهَا وَأَمَّا الْعَقْلُ فَلَا يَجِبُ مَعَ عَدَمِهِ وَلَا يَصِحُّ نَفْلُهُ وَلَا فَرْضُهُ وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَإِنَّهُ يَجِبُ مَعَهُ عَلَى قَوْلِ جَمَاعَةِ أَصْحَابِنَا غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَجِبُ مَعَ عَدَمِهِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ عَدَمِهِ نَفْلُهُ وَلَا فَرْضُهُ.
(فَصْلٌ) إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ الِاسْتِطَاعَةَ هِيَ الِاسْتِطَاعَةُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى الْبَيْتِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ عَنْ عَادَةٍ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فَمَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ السَّفَرَ مَاشِيًا وَاسْتَطَاعَ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى الْحَجِّ بِذَلِكَ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَاحِلَةً وَمَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ سُؤَالَ النَّاسِ وَتَكَفُّفَهُمْ وَأَمْكَنَهُ التَّوَصُّلُ بِهِ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ زَادًا وَمَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الرُّكُوبَ وَالْغِنَى عَنْ النَّاسِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ فِي التَّوَصُّلِ إلَى الْحَجِّ أَحَدُهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِمَا: إنَّ الِاسْتِطَاعَةَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ دُونَ غَيْرِهِمَا وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي مَجْمُوعَتِهِ عَنْ سَحْنُونٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وَلَمْ يَخُصَّ زَادًا وَلَا رَاحِلَةً فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فِي الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ؟
فَالْجَوَابُ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ غَيْرُ مُفَسَّرَةٍ فَتَحْتَاجُ إلَى تَفْسِيرٍ وَإِنَّمَا هِيَ عَامَّةٌ فَرُبَّمَا دَخَلَهَا التَّخْصِيصُ وَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ الْحَدِيثِ صَحِيحًا لَكَانَ بَعْضَ مَا تَخْتَصُّ بِهِ الْآيَةُ وَأَنْ يَكُونَ بَعْضَ مَا يُسْتَطَاعُ بِهِ فِي حَقِّ بَعْضِ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ كَالصِّحَّةِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُخَالِفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إنَّ الْمَرِيضَ لَيْسَ بِمُسْتَطِيعٍ وَإِنْ وَجَدَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ، وَلِذَلِكَ قَالَتْ الْخَثْعَمِيَّةُ إنَّ أَبَاهَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَجَعَلَتْ مِنْ الِاسْتِطَاعَةِ الشَّبَابَ وَالْقُوَّةَ عَلَى الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَثَبَتَ أَنَّ لِلِاسْتِطَاعَةِ مَعَانِيَ غَيْرَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ مِنْ الصِّحَّةِ وَالْقُوَّةِ وَالسِّنِّ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ مَعَهُ الثُّبُوتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَمَانِ الطَّرِيقِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُخَالِفُ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إنَّ أَهْلَ الْحَرَمِ وَأَهْلَ الْمَوَاقِيتِ لَا يُعْتَبَرُ فِي حُكْمِهِمْ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مُسْتَطِيعٌ لِلْحَجِّ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ عَنْ عَادَةٍ فَلَزِمَهُ الْحَجُّ كَالْوَاجِدِ لِلزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ.

(فَصْلٌ) :
وَاَلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ) لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ أَوْ لِأَمْرٍ ثَابِتٍ فَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ يَرْجُو بُرْأَهُ وَزَوَالَهُ كَالْأَمْرَاضِ الْمُعْتَادَةِ فَإِنَّ هَذَا يَنْتَظِرُ الْبُرْءَ وَيُؤَدِّي الْحَجَّ فَأَمَّا إنْ كَانَ لِأَمْرٍ ثَابِتٍ عَنْهُ كَالْهَرَمِ وَالزَّمَانَةِ فَهُوَ الَّذِي سُمِّيَ الْمَعْضُوبَ وَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَنَا الْحَجُّ وَإِنْ وَجَدَ الْمَالَ وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَحْمِلَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، هُوَ مُسْتَطِيعٌ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ غَيْرَهُ يُؤَدِّي عَنْهُ الْحَجَّ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ وَجَدَ مَنْ يَبْذُلُ لَهُ الطَّاعَةَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ أَخٍ أَوْ عَبْدٍ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِبَذْلِ هَذِهِ الطَّاعَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] فَالْآيَةُ وَرَدَتْ مُقَيِّدَةً لِمَنْ يَسْتَطِيعُ السَّبِيلَ إلَى الْبَيْتِ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ السَّبِيلَ إلَيْهِ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ الْآيَةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ صِفَةٌ مَوْجُودَةٌ بِالْمُسْتَطِيعِ كَالْعِلْمِ وَالْحَيَاةِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ بِهِ اسْتِطَاعَةٌ فَلَيْسَ بِمُسْتَطِيعٍ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَجٌّ.
وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مُكَلَّفٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ غَيْرُهُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ أَصْلُ ذَلِكَ الصَّحِيحُ أَمَّا هُمْ فَاحْتَجَّ مِنْ نَصِّ قَوْلِهِمْ بِقَوْلِ الْخَثْعَمِيَّةِ بِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ: إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا أَخْبَرَتْ أَنَّ الْحَجَّ اُفْتُرِضَ عَلَى أَبِيهَا فِي حَالِ كِبَرِهِ وَعَجْزِهِ عَنْ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 269
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست