responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 256
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: 6] وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ وَأَمَّا قَوْلُ النَّاسِ: اُحْكُمْ عَلَى نَفْسِكَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْكَ الْحَاكِمُ فَمِنْ كَلَامِ السُّوقَةِ وَمَنْ لَا يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِ وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ قَدْ نَطَقَتْ بِهِ الْعَرَبُ لَكَانَ مَعْنَاهُ اُخْرُجْ عَنْ الْحَقِّ وَأَدِّهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقُومُ مَقَامَ الْحُكْمِ عَلَيْكَ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ بِهِ عَلَيْكَ وَهَذَا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا ... فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمٌ
وَإِنْ كُنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْهَى نَفْسَهُ وَلَا يَأْمُرُهَا وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ وَالِاتِّسَاعِ فِي اللُّغَةِ.
1 -
(فَرْعٌ) فَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَكَمَانِ فِي الْحُكْمِ اسْتَأْنَفَ الْحُكْمَ غَيْرُهُمَا وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] فَإِذَا أَخَذَ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِهِ حَكَمٌ وَاحِدٌ.

(فَصْلٌ) :
وقَوْله تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ أَنْ يَكُونَ مَا يَخْرُجُ مِنْ النَّعَمِ جَزَاءً عَنْ الصَّيْدِ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُهْدَى وَهُوَ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَإِنْ أَخْرَجَ مَا دُونَ ذَلِكَ لَمْ يُجِزْهُ فِي لَحْمِهِ شِبَعُ مَنْ يَشْبَعُ مِنْ ذَلِكَ الصَّيْدِ وَجَوَّزَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى الْقِيمَةِ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى وَجْهِ الْمِثْلِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قَوْله تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] فَنَصَّ تَعَالَى عَلَى أَنَّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مِنْ النَّعَمِ يَكُونُ هَدْيًا وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِيمَا دُونَ الْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيِّ مِنْ غَيْرِهِ، وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا حَيَوَانٌ وَرَدَ الشَّرْعُ فِيهِ بِصِفَةِ الْهَدْيِ فَلَمْ يَجُزْ فِيهِ مَا قَصَرَ سِنُّهُ عَنْ سِنِّ الْهَدْيِ أَصْلُ ذَلِكَ هَدْيُ التَّمَتُّعِ.
1 -
(فَصْلٌ) وقَوْله تَعَالَى {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ بِلَفْظِ أَوْ فَهُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْآيَةِ وَالْمَفْهُومُ مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَقَاتِلُ الصَّيْدِ خُيِّرَ بَيْنَ الْهَدْيِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ فَأَيُّهُمَا شَاءَ مِنْ ذَلِكَ يَحْكُمُ بِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَحُكِيَ مِثْلُهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَأَصْحَابُهُ يُنْكِرُونَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ لَفْظُ الْآيَةِ فَإِنَّهُ وَرَدَ بِلَفْظِ أَوْ وَظَاهِرُهَا التَّخْيِيرُ مَعَ أَنَّ أَوْ لَا تَحْتَمِلُ التَّرْتِيبَ، وَإِنْ احْتَمَلَتْ غَيْرَ التَّخْيِيرِ مِنْ الْمَعَانِي وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ كَفَّارَةٌ فِي الْحَجِّ لِلطَّعَامِ فِيهَا مَدْخَلٌ وَكَانَتْ عَلَى التَّخْيِيرِ كَفِدْيَةِ الْأَذَى.
(فَرْعٌ) فَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالْمِثْلِ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ وَإِنْ اخْتَارَ الْإِطْعَامَ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ أَوْ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الصَّيْدُ نَفْسُهُ بِالطَّعَامِ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْمِثْلُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّنَا إذَا اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الصَّيْدِ وَمِثْلِهِ فَاعْتِبَارُ الصَّيْدِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ الْمُتْلَفُ وَبِسَبَبِهِ وَجَبَ الْجَزَاءُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ فِي الطَّعَامِ مَعْنًى يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ بِسَبَبِ الصَّيْدِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ بِالصَّيْدِ كَالْمِثْلِ مِنْ النَّعَمِ.
1 -
(فَرْعٌ) وَتَقْوِيمُ الصَّيْدِ نَفْسِهِ بِالطَّعَامِ هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ هُوَ الْمَأْخُوذُ، وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمَأْخُوذَةُ فَإِنْ قُوِّمَ الصَّيْدُ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ قُوِّمَتْ الدَّرَاهِمُ بِالطَّعَامِ جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَئُولُ إلَى مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ لَا سِيَّمَا، وَالتَّقْوِيمُ غَالِبًا إنَّمَا يَكُونُ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ لَكِنْ فِي ذَلِكَ تَطْوِيلٌ وَتَكْرَارُ اجْتِهَادٍ وَتَقْوِيمٌ يَكْثُرُ مَعَهُ السَّهْوُ وَتَقْلِيلُ مَوَاضِعِ الِاجْتِهَادِ أَوْلَى وَأَبْعَدُ مِنْ السَّهْوِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ تَقْوِيمِ الْمِثْلِ بِالطَّعَامِ فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ جُمْلَةٌ لِتَكَرُّرِ مَوَاضِعِ الِاجْتِهَادِ وَتَطْوِيلِ طُرُقِ النَّظَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحَرُّزِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ أُصُولُ الْأَثْمَانِ، وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ وَقَدْ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَعْرِفَةِ الْقِيمَةِ بِالطَّعَامِ إذَا كَانَ الصَّيْدُ لَا تُعْرَفُ

نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست