responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 21
(ص) : (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَصَلَّى عَلَيْهِ النَّاسُ أَفْذَاذًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ فَقَالَ نَاسٌ يُدْفَنُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَقَالَ آخَرُونَ يُدْفَنُ بِالْبَقِيعِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَقَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إلَّا فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَحُفِرَ لَهُ فِيهِ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ غُسْلِهِ أَرَادُوا نَزْعَ قَمِيصِهِ فَسَمِعُوا صَوْتًا يَقُولُ لَا تَنْزِعُوا الْقَمِيصَ فَلَمْ يُنْزَعْ الْقَمِيصُ وَغُسِّلَ وَهُوَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاةَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ النَّقَائِصَ الْمَانِعَةَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ عَامَّةٌ وَخَاصَّةٌ، وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ فِي الْعَامَّةِ وَالْكَلَامُ هَاهُنَا فِي الْخَاصَّةِ وَهُوَ كُلُّ نَقْصٍ لَا يُخْرِجُ عَنْ الْإِيمَانِ كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ الْمُسْتَمْسِكِينَ بِالْإِيمَانِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ رَدْعًا وَزَجْرًا لِغَيْرِهِمْ عَنْ مِثْلِ حَالِهِمْ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى جَابِرُ بْنُ سُمْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ» .
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنْ خِيفَ ذَلِكَ صَلَّوْا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ لَازِمٌ بِسَبَبِهِمْ وَلَا يُسْقِطُهُ كَبَائِرُهُمْ وَبِدَعُهُمْ مَا تَمَسَّكُوا بِالْإِسْلَامِ، وَكَذَلِكَ الْمَقْتُولُ فِي الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ فَلَمْ تَمْنَعْهُ مَعْصِيَتُهُ مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أُتِيَ بِمَيِّتٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لَهُ يُصَلِّ عَلَيْهِ، وَقَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» .
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا مَنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ فِي قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ اعْتَرَفَ بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرًا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ» .

(ش) : قَوْلُهُ تُوُفِّيَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ دَلِيلٌ عَلَى التَّأْخِيرِ إلَى الْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْوَفَاةِ وَقَوْلُهُ " صَلَّى عَلَيْهِ النَّاسُ أَفْذَاذًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ " قَدْ اُخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَأْتِي الرَّجُلُ وَالرِّجَالُ فَيَدْعُونَ وَيَتَرَحَّمُونَ وَلِهَذَا وَجْهٌ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ شَهِيدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا أَنَّ الشَّهِيدَ يُغْنِيه فَضْلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ فَلَأَنْ يُغْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضْلُهُ عَنْ ذَلِكَ أَوْلَى، وَإِنَّمَا فَارَقَ الشَّهِيدَ فِي الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ عَلَى الشَّهِيدِ مِنْ الدَّمِ مَا هُوَ طِيبٌ لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَعِنْوَانٌ لِشَهَادَتِهِ وَلَيْسَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُكْرَهُ إزَالَتُهُ عَنْهُ فَافْتَرَقَا لِذَلِكَ فِي الْغُسْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقِيلَ إنَّ النَّاسَ صَلُّوا عَلَيْهِ أَفْذَاذًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ وَلِهَذَا أَيْضًا وَجْهٌ وَذَلِكَ لِئَلَّا تَفُوتَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَفُوزَ بِالْإِمَامَةِ وَالْخِلَافَةِ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ تَقَرَّرَ بَعْدُ أَنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَكُونُ فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ وَلِذَلِكَ ادَّعَاهَا الْأَنْصَارُ، وَقَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، ثُمَّ ثَبَتَتْ النُّصُوصُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَقَالَ نَاسٌ يُدْفَنُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَقَالَ آخَرُونَ يُدْفَنُ بِالْبَقِيعِ وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ دَفْنِهِ إخْبَارًا مِنْهُمْ عَنْ رَأْيِهِمْ فِي ذَلِكَ وَمَبْلَغِ اجْتِهَادِهِمْ حَتَّى ذَكَرَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ فَرَجَعُوا إلَيْهِ وَأَخَذُوا بِهِ وَهَذَا حُكْمُ الِاجْتِهَادِ إذَا ظُهِرَ عَلَى النَّصِّ وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاجْتِهَادُ مُوَافِقًا لِلنَّصِّ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ «مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إلَّا فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ» إخْبَارٌ عَنْ حَالِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى حُكْمِهِ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَلِكَ احْتَجَّ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَأَخَذَ بِهِ سَائِرُ الصَّحَابَةِ فَحَفَرُوا لَهُ فِيهِ يُرِيدُ مَوْضِعَ وَفَاتِهِ وَدُفِنَ فِيهِ وَصِفَةُ الدَّفْنِ أَنْ يُنْزَلَ فِي قَبْرِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهَا الْجِهَةُ الَّتِي كَانَ يُعَظِّمُهَا الْمُسْلِمُ فِي حَيَّاتِهِ وَيُجْعَلُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» .
1 -

نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست