responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 209
يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ» )
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (ش) : قَوْلُهُ رَأَيْتُك تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِك يَصْنَعُهَا سُؤَالُهُ عَنْ وَجْهِ تَعَلُّقِهِ بِهَا وَهَلْ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ تَوْقِيفٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ فَعَلَ مَا فَعَلَ عَنْ رَأْيٍ وَاجْتِهَادٍ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ كَثِيرَ الْحِفْظِ لِأَفْعَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَدِيدَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِيهَا مَعْرُوفًا بِذَلِكَ مَشْهُورًا فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَأَرَادَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَنْ يَعْلَمَ مَا خَالَفَ فِيهِ أَصْحَابُهُ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ لِسُنَّةٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لِرَأْيٍ مِنْهُ، وَأَعْلَمَهُ بِخِلَافِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ لَهُ ذَلِكَ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَبْعَثَ لَهُ عَلَى قُوَّةِ الِاجْتِهَادِ وَشِدَّةِ التَّحَرُّزِ مِنْ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ، ثُمَّ فَسَّرَهَا ابْنُ جُرَيْجٍ حِينَ سَأَلَهُ ابْنُ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَأَيْتُك لَا تَمَسُّ مِنْ الْأَرْكَانِ إلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ فَأَخْبَرَهُ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمَسُّ مِنْهَا غَيْرَ الْيَمَانِيَّيْنِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ كَافِيَةٌ فِيمَا ذَهَبَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ أَشْوَاطًا وَأَسَابِيعَ وَلَمْ يَرَهُ ابْنُ عُمَرَ مَعَ ذَلِكَ يَمَسُّ مِنْ الْأَرْكَانِ غَيْرَ الْيَمَانِيَّيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ تَرْكَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ اسْتِلَامَهَا؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يَتِمَّ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَارَ الرُّكْنَانِ الشَّامِيَّانِ لَيْسَا بِرُكْنَيْنِ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَقَدْ تَأَوَّلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيهِمَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا اخْتِيَارُ مَالِكٍ أَنْ لَا يُسْتَلَمَ مِنْ الْأَرْكَانِ غَيْرُ الْيَمَانِيَّيْنِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَرَأَيْتُك تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَهِيَ نِعَالٌ تُدْبَغُ بِالْقَرْظِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لَا شَعْرَ فِيهَا.
وَقَدْ رَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ كَانَتْ سَوْدَاءَ لَا شَعْرَ فِيهَا قَالَ مُحَمَّدٌ فَقُلْت لَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ النِّعَالُ الْمَدْبُوغَةُ بِالْقَرْظِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ كَانَ يَلْبَسُهَا غَيْرَ مَدْبُوغَةٍ إلَّا أَهْلُ السَّعَةِ مِنْهُمْ قَالَ سَحْنُونٌ قَدْ أَعْلَمْتُك مَا قَالَ فِي ابْنِ وَهْبٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ لَا يَعْتَرِضُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ تَكُونَ السِّبْتِيَّةُ الْمَدْبُوغَةُ بِالْقَرَظِ وَتَكُونُ لَا شَعْرَ فِيهَا وَأَنَّ الْعَرَبَ كَانَ يَلْبَسُ أَكْثَرُهُمْ النِّعَالَ غَيْرَ مَدْبُوغَةٍ وَأَنَّ السِّبْتِيَّةَ كَانَ لَا يَلْبَسُهَا إلَّا أَهْلُ الشَّرَفِ وَالسَّعَةِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ
يَحْذِي نِعَالَ السَّبْتِ لَيْسَ بِتَوْأَمِ
وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ السِّبْتِيَّةُ مَدْبُوغَةً بِالْقَرْظِ وَعَلَيْهَا شَعَرٌ وَيَحْتَجُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِلُبْسِهَا بِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَا شَعْرَ عَلَيْهَا» .
1 -
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ وَرَأَيْتُك تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ يَحْتَمِلُ يُرِيدُ الْخِضَابَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الثِّيَابَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ لَا لِحْيَتَهُ قَالَ: وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَلَا يَثْبُتُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبَغَ لِحْيَتَهُ بِصُفْرَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا أَدْرَكَ ذَلِكَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ فِي لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ.
وَقَدْ رَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ ثِيَابَهُ وَكَانَ أَوْ رَأَيْته أَحَبَّ الطِّيبِ إلَيْهِ» وَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ «ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ حَتَّى تَمْتَلِئَ ثِيَابُهُ بِالصُّفْرَةِ فَقِيلَ لَهُ لِمَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ؟ فَقَالَ إنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْهَا وَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ كُلَّهَا حَتَّى عِمَامَتَهُ» وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ مِنْ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ فَيَقْتَدِي بِهِ فِي ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَيَسْتَحِبُّهَا مِنْ أَجْلِهِ فَيَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ وَلِحْيَتَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَمَا رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَأُحْصِرَ بِعَدُوٍّ فَتَحَلَّلَ فَأَرْدَفَ هُوَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ مَرَّةً لَمَّا خَافَ أَنْ يُصَدَّ عَنْ الْبَيْتِ لِيَتَحَلَّلَ دُونَهُ إنْ حُصِرَ وَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إلَّا وَاحِدٌ.

نام کتاب : المنتقى شرح الموطإ نویسنده : الباجي، سليمان بن خلف    جلد : 2  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست